الوهابيه و اصول الاعتقاد

اشارة

نام كتاب: الوهابية و أصول الاعتقاد

نويسنده: العلامة الشيخ محمد جواد البلاغي- محمد علي الحكيم

موضوع: اعتقادات و پاسخ به شبهات

زبان: عربي

تعداد جلد: 1

ناشر: نشر مشعر

مكان چاپ: تهران

نوبت چاپ: 1

ص:1

اشارة

ص:2

ص:3

ص:4

ص:5

ص:6

ص: 7

مقدمة الإعداد:

اشارة

الحمد للَّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على عباده الّذين اصطفى، محمد وآله الطيّبين الشرفا.

وبعد ..

أصدر الشيخ عبد اللَّه ابن بليهد قاضي القضاة في الحجاز فتوى في بعض المسائل التي لها صلة بزيارة القبور والشفاعة وغيرهما، ممّا أثار موجة من الأخذ والردّ بين علماء المسلمين في وسائل الإعلام كافّة.

فألّف الكثير من العلماء من مختلف المذاهب الإسلامية كثيراً

ص: 8

من الكتب والرسائل بشتّى اللغات حول هذه الفتوى، وكانت إحداها هذه الرسالة التي نقدّمها إلى القارئ العزيز، فقد انتقيناها للنشر لاشتمالها على جوانب البحث كافة، ولسلاسة عبارتها ووجازتها وقوّة الأدلّة المعتمدة فيها.

ترجمة المؤلف:

هو الشيخ محمد جواد بن حسن بن طالب البلاغي النجفي الرَبْعِي.

وُلد في النجف الأشرف سنة 1282 ه في بيت من أقدم بيوتاتها وأعرقها في العلم والفضل والأدب.

نشأ حيث وُلد، وتتلمذ على يد أعلام النجف الأشرف، ثمّ هاجر إلى سامرّاء سنة 1326 ه فحضر درس الميرزا الشيرازي عشر سنين، وألّف هناك عدّة كتب، وغادرها- عند احتلالها من قبل الجيش الانكليزي- إلى الكاظمية فمكث بها سنتين مؤازراً للعلماء في التبليغ لدفع الكافرين وجهاد الظالمين المستعمرين، ومحرّضاً لهم على طلب الاستقلال.

عاد إلى النجف الأشرف وواصل نشاطه في التأليف، فكان من أُولئك الّذين ندر وجودهم على مرّ الأزمان، فقد أوقف حياته لخدمة الدين والحقيقة، فلم يُرَ إلّاوهو يجيب عن سؤال، أو يحرّر

ص: 9

رسالة يكشف فيها ما التبس على المرسل من شكّ، أو يكتب في أحد مؤلّفاته.

وقد وقف بوجه النصارى وأمام تيّار الغرب الجارف، وقد ألّف في ذلك ما يقرب من (11) كتاباً ورسالة، فبرع في الردّ عليهم، فمثّل لهم سموّ الإسلام على جميع الملل والأديان.

كما تصدّى للفرق المنحرفة الهدّامة الأُخرى- كالبابية والقاديانية والإلحادية .. وغيرها- فكتب في ردّهم ودحض شبهاتهم وفضح توافه مبانيهم ومعائب أفكارهم، عدّة كتب ورسائل قيّمة.

وقد كان من خلوص النيّة وإخلاص العمل بمكان حتّى أنّه كان لا يرضى أن يوضع اسمه على تأليفاته عند طبعها، ومع كل هذا أصبح اسمه ناراً على علم.

توفي ليلة الاثنين 22 شعبان 1352 ه في النجف الأشرف، ودفن في إحدى حجرات الصحن الشريف لمرقد الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

رسالتنا هذه:

ذكر أغلب المترجمين للعلّامة البلاغي رحمه الله أنّ له رسالتين اثنتين

ص: 10

مطبوعتين في مناقشة فتوى الشيخ ابن بليهد، وقد عثرت على نسخة منها مطبوعة على الحجر في النجف الأشرف سنة 1345 ه، ولمّا لم يكن على النسخة المطبوعة أيّ إشارة إلى اسم الرسالة، ارتأينا أن نختار لها اسماً مناسباً لغرضها، فانتقينا لها اسم «الوهّابية وأُصول الاعتقاد» إذ إنّ المؤلف رحمه الله قد بحث فيها ابتداءً موضوع توحيد اللَّه في العبادة، ثمّ توحيد اللَّه سبحانه في الأفعال، وما يتفرع عليها من التبرك بالقبور وزيارتها والصلاة عندها وايقاد السُرُج عليها والتوسّل والاستغاثة والاستشفاع والشفاعة، والذبائح والنذور، فجاءت هذه الرسالة صغيرة الحجم، كبيرة المحتوى، فهي بعيدة عن التطويل المملّ أو الاختصار المخلّ، فقد اشتملت على جلّ المباحث اللازمة حول تلك المطالب المهمّة، فأوفت الموضوع حقّه، بالحجّة القاطعة، والدليل النقلي الثابت القوي، والبرهان العقلي المقنع، إضافة إلى دماثة الأخلاق والأدب السامي الرفيع في المناقشة والمناظرة.

منهج العمل فيها:

تم تخريج المنقولات عن المصادر الأصلية قدر الإمكان، وعضّدت التخريجات بمصادر إضافية زيادة في تقوية الحجّة وإثباتها.

ص: 11

وأصلحت الأغلاط الإملائية والطباعية- التي لا تخلو منها أيّ طبعة لأيّ كتاب- ولم أُشر إلى ذلك إلّافي موضعين.

أمّا ما وضعته بين معقوفتين [] ولم أُشر إليه في الهامش، فهو أحد ثلاثة: إمّا عنوان وضعته بين الفقرات والمطالب لزيادة الإيضاح، أو إضافة من المصدر المنقول عنه يقتضيها نسق المطلب ربّما سقطت أثناء الطبع، أو زيادة منّي يقتضيها السياق، ربّما سطرها يراع المؤلّف رحمه الله وسقطت أثناء الطبع أيضاً.

أسأل اللَّه تعالى أن ينفع بها، فما هي إلّامن حسن توفيقه وفضله، وآخر دعوانا أن الحمد للَّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

محمّد علي الحكيم

ص: 12

ص: 13

[تمهيد]

الحمد للَّه ربّ العالمين، والصلاة على محمّد سيّد الأوّلين والآخرين، صلّى اللَّه عليه وسلّم، وعلى آله أجمعين.

وبعد،

فقد عثرتُ في بعض الجرائد(1) على سؤال نصّه هذا:

«غادر مكّة في شهر رمضان الماضي الشيخ عبد اللَّه بن بليهد،


1- هي جريدة «امّ القرى» العدد 69، بتاريخ 17 شوّال 1344 ه. وهذا ممّا أفادني به سماحة العلّامة المحقّق السيّد عبد العزيز الطباطبائي رحمه الله.

ص: 14

قاضي قضاة الوهّابيّين في الحجاز، قاصداً المدينة المنوَّرة، وقد تلقّت جريدة أُمّ القرى من مكاتبها في المدينة أنّ الشيخ ابن بليهد اجتمع بعلماء المدينة وباحثهم في أُمور كثيرة، ثمّ وجّه إليهم السؤال الآتي:

بسم اللَّه الرحمن الرحيم، ما قول علماء المدينة المنوَّرة- زادهم اللَّه فهماً وعلماً- في البناء على القبور واتّخاذها مساجد، هل هو جائز أم لا؟

وإذا كان غير جائز، بل ممنوعٌ منهيٌّ عنه نهياً شديداً، فهل يجب هدمها ومنع الصلاة عندها أم لا؟

وإذا كان البناء في مسبلة- كالبقيع- وهو مانع من الانتفاع بالمقدار المبنيّ عليه، فهل هو غصب يجب رفعه، لِما فيه من ظلم المستحقّين ومنعهم استحقاقهم، أم لا؟

وما يفعله الجُهّال عند هذه الضرائح، مِن التمسّح بها، ودعائها مع اللَّه، والتقرُّب بالذبح والنذر لها، وإيقاد السُرُج عليها، هل هو جائز أم لا؟

وما يُفعل عند حجرة النبيّ صلى الله عليه و سلم، مِن التوجّه إليها عند الدعاء وغيره، والطواف بها وتقبيلها والتمسّح بها، وكذلك ما يفعل في المسجد الشريف، من الترحيم والتذكير بين الأَذان والإقامة وقبل الفجر ويوم الجمعة، هل هو مشروع أم لا؟

ص: 15

أفتونا مأجورين، وبيّنوا لنا الْأَدلة المستند إليها، لا زلتم ملجأً للمستفيدين».

وهذا نصّ الجواب:

«أمّا البناء على القبور فهو ممنوع إجماعاً؛ لصحّة الْأَحاديث الواردة في منعه، وبهذا أفتى كثير من العلماء بوجوب هدمه، مستندين على ذلك بحديث عليّ رضى الله عنه أنّه قال لأَبي الهيّاج: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم، أن لا تدع تمثالًا إلّا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلّاسوّيته) رواه مسلم(1).

وأمّا اتّخاذ القبور مساجد والصلاة فيها فممنوع مطلقاً، وإيقاد السُرُج عليه ممنوع أيضاً؛ لحديث ابن عبّاس: (لعن رسول اللَّه زائرات القبور، والمتّخذين عليها المساجد والسُرُج) رواه أهل السُنن(2).

وأمّا ما يفعله الجهّال عند الضرائح، مِن التمسّح بها، والتقرُّب إليها بالذبائح والنذور، ودعاء أهلها مع اللَّه، فهو حرامٌ، ممنوع


1- صحيح مسلم 2/ 666 ح 93 ب 31، كما ورد الحديث باختلاف يسير في بعض ألفاظه في المصادر التالية: مسند أحمد 1/ 96 و 129، سنن النسائي 4/ 88، سنن أبي داود 3/ 215 ح 3218، سنن الترمذي 3/ 366 ح 1049 ب 56.
2- سنن أبي داود 3/ 218 ح 3236، سنن النسائي 4/ 95.

ص: 16

شرعاً، لا يجوز فعله أصلًا.

وأمّا التوجّه إلى حجرة النبيّ صلى الله عليه و سلم عند الدعاء، فالْأَوْلى منعه، كما هو معروف من فقرات كتب المذهب؛ ولأَنّ أفضل الجهات جهة القِبلة.

وأمّا الطواف بها والتمسّح بها وتقبيلها، فهو ممنوع مطلقاً.

وأمّا ما يُفعل من التذكير والترحيم والتسليم في الْأَوقات المذكورة، فهو مُحْدَثٌ.

هذا ما وصل إليه علمنا السقيم».

ويلي ذلك توقيع 15 عالماً.

وقد علّقت جريدة «أُمّ القرى» على هذه الفتوى بمقالة افتتاحية قائلةً:

«إنّ الحكومة ستسير في تنفيذ أحكام الدين، رضي الناس أم كرهوا»! انتهى.

واطّلعتُ أيضاً على مقالة في بعض الجرائد المصرية(1)، وهذا نصّها:

«تغلّب الوهّابيّون على الحجاز، فأوفدت حكومة إيران وفداً


1- هي جريدة «المقطَّم» في عددها الصادر في 22 شوّال سنة 1344 ه.

ص: 17

- على رأسه حضرات أصحاب السعادة: ميرزا غفّار خان جلال السلطنة، وزيرها المفوَّض في مصر، وميرزا حبيب اللَّه خان هوَيدا عين الملك، قنصلها الجنرال(1) بالشام- إلى الحجاز، ليتبيّنوا وجه الحقيقة في ما أُذيع على العالم الإِسلامي أجمع من فظائع الوهّابيّين في البلاد المقدّسة، وأتمّ هذا الوفد الرسميّ مهمّته، ورفع تقريره إلى حكومته.

ولَمّا تجدّد نشر الإِشاعات بأنّ الوهّابيّين هم هم.

وأنّ التطوّر الذي غَشِي العالَمَ أجمع لم يصلح من فساد تطرّفهم شيئاً.

وأنّهم هدموا القباب والمزارات المبارَكةَ المنبثّة في أرجاء ذلك الوادي المقدّس.

وأنّهم ضيّقوا الحرّيّة المذهبيّة الإِسلامية، نشراً لمذهبهم، وتوسيعاً لنطاق نحلتهم، في الوقت الذي تقوم فيه جميع حكومات العالَم على رعاية الحرّيّات المذهبيّة.

أَصْدَرَتْ(2) أَمْرَها بوقف التصريح بالسفر للحجاز، حماية لرعاياها، وحفظاً لهم من قصدِ بلادٍ لم يُعْرَف تماماً كُنه الحكم فيها.


1- أي: القنصل العامّ.
2- جواب «لَمّا» المتقدِّمة.

ص: 18

وعادت فأوفدت سعادة ميرزا حبيب اللَّه خان هوَيدا- قنصلها الجنرال(1) في الشام- ثانيةً، للتحقّق من مبلغ صدق تلك الإِشاعات، فإذا بها صحيحة في جملتها!

لم تمنع الحكومة الإِيرانية رعاياها من السفر إلى الحجاز لِأَنّ حكومته وهّابيّة فحسب، ولكنّ الإِيرانيّين أَلِفوا في الحجّ والزيارة شؤوناً يعتقدون أنّها من مستلزمات أداء ذلك الركن، ويشاركهم في ذلك جمهور المسلمين من غير الوهّابيّين، كزيارة مشاهد أهل البيت، والاستمداد من نفحاتهم، وزيارة مسجد منسوب للإِمام عليّ عليه السلام.

وقد قضى الوهّابيُّ على تلك الآثار جملةً، وقضى رجاله- وكلُّ فرد منهم حكومة قائمة- على الحرّيّة المذهبيّة.

فمَن قرأ الفاتحة على مشهد من المشاهد، جُلِد.

ومَن دخَّن سيجارة أو نرجيلة، أُهينَ وَضُرِبَ وزُجَّ في السجن، في الوقت الذي تحصّل فيه إدارة الجمارك الحجازيّة رسوماً على واردات البلاد من الدخان والتمباك.

ومَن استنجد بالرسول المجتبى عليه صلوات اللَّه وسلامه بقوله:

(يا رسول اللَّه) عُدَّ مشركاً.


1- أي: القنصل العامّ.

ص: 19

ومَن أقسم بالنبيّ أو بآله، عُدَّ خارجاً عن سياج الملّة.

وما حادثة السيّد أحمد الشريف السنوسيّ(1)- وهو علم من أعلام المسلمين المجاهدين- ببعيدة، إذ كان وقوفه وقراءته الفاتحة على ضريح السيّدة خديجة رضوان اللَّه عليها، سبباً كافياً في نظر الوهّابيّين لإِخراجه من الحجاز.

كلُّ هذا حاصلٌ في الحجاز لاينكره أحد، ولا يستطيع الوهّابيُّ ولا دعاتُه ولا جنودُه أن يكذِّبوه».

انتهى ما أردنا نقله من تلك الجريدة.

فرأيتُ أن أتكلّم معهم بكلمات وجيزة، جارية في نهج الإِنصاف، خالية عن الجور والتعصّب والاعتساف، سالكاً سبيل الرفق والاعتدال، ناكباً عن طريق الخرق والجدال، فما المقصود إلّا هداية العباد، واللَّه وليُّ الرشاد.

ثمّ إنّا نتكلّم في ما طعن به الوهّابيّون على سائر المسلمين في


1- هو السيّد أحمد الشريف بن محمّد بن محمّد بن عليّ السنوسي 1284- 1351 ه وُلد وتفقَّه في «الجغبوب» من أعمال ليبيا، قاتل الإِيطاليّين في حربهم مع الدولة العثمانية سنة 1339 ه، دُعي إلى إسلامبول بعد عقد الصلح بين إيطاليا والعثمانيّين، ثمّ رحل منها إلى الحجاز، كان من أنبل الناس جلالة قدر وسراوة حال ورجاحة عقل، وكان على علم غزير، وقد صنَّف في أوقات فراغه كتباً عديدة. انظر: الأَعلام 1/ 135.

ص: 20

ضمن فصول، واللَّه المستعان.

واجتنبت فيه عن الفحش في المقال، والطعن والوقيعة والجدال.

هذا، والجرح لَمّا يندمل، وإنّ القلوب لحرّى، والعيون لعبرى، على الرزيّة التي عمّت الإِسلام والمسلمين، فإنّا للَّه وإنّا إليه راجعون.

ويا لها من رزيّة جليلة! ومصيبة فاظعة(1) فادحة! وثلمة عظيمة في الإسلام أليمة فجيعة!

كُحِلَتْ بِمِقْطَرِكَ العُيُونُ عَمايَةًوَأَجَلَّ وَقْعَكَ كُلُّ أُذْنٍ تَسْمَعُ(2)

وعلى الجملة:

فقد هدموا شعائرَ الدين، وجرحوا قلوبَ المسلمين، بفتوى

انظر: ديوان دعبل: 226، معجم الأُدباء 11/ 110 و 3/ 129 وفيه: «رُزْؤُكَ» بدل «نَعْيُكَ» ولم يُسمّ قائله هنا، الحماسة البصرية 1: 201.


1- كذا في الأَصل، ولعلّها: «قاطعة»، والأصوب لغةً أن تكون: «فظيعة».
2- من قصيدة لدعبل الخزاعي، يرثي بها سيّد الشهداء الإِمام أبي عبد اللَّه الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، وقد ورد البيت باختلاف في بعض ألفاظه في الديوان المطبوع ومصادر أُخرى هكذا: كُحِلَتْ بِمَنْظَرِكَ العُيُونُ عَمايَةًوَأَصَمَّ نْعيُكَ كُلَّ أُذْنٍ تَسْمَعُ

ص: 21

خمسة عشر، تشهد القرائن بأنّهم مجبورون مضطرّون على هاتيك الفتيا!

ويشهد نفس السؤال- أيضاً- بذلك، حيث إنّ السائل يعلِّمُهُمُ الجواب في ضمن السؤال بقوله: «وإذا كان غير جائز، بل ممنوع منهيٌّ عنه نهياً شديداً»!

ويومئ إليه- أيضاً- ما في الجريدة، أنّه اجتمع إليهم أوّلًا، وباحثهم ثانياً، ومن بعد ذلك وجّه إليهم السؤال المزبور!

ولقد حدّثني بعض الثقات من أهل العلم- بعد رجوعه من المدينة- عن بعض علمائها، أنّه قال: إنّ الوهّابيّة أوعدوني وعالِمَين غيري بالقتل والنهب والنفي [إن لم نساعدهم](1) في الجواب، فلم نفعل.

هذِي المَنازِلُ بِالغَمِيمِ فَنادِهاوَاسْكُبْ سَخِيَّ العَيْنِ بَعْدَ جَمادِها(2)


1- كان في الأَصل: «على مساعدتهم» وما أثبتناه هو المناسب للسياق.
2- مطلع قصيدة للشريف الرضيّ، يرثي بها سيّد الشهداء الإمام أبي عبد اللَّه الحسين بن عليّ ابن أبي طالب عليهم السلام، في يوم عاشوراء سنة 391 ه. انظر: ديوان الشريف الرضيّ 1/ 360.

ص: 22

الفصل الأوّل في توحيد اللَّه في العبادة

اشارة

إعلم أنّ من ضروريّات الدين، والمتّفق عليه بين جميع طبقات المسلمين، بل من أعظم أركان أُصول الدين: اختصاص العبادة باللَّه ربّ العالَمين.

فلا يستحقّها غيره، ولا يجوز إيقاعها لغيره، ومَن عَبَدَ غيرَه فهو كافرٌ مشرك، سواءً عَبَدَ الأصنام، أو عَبَدَ أشرفَ الملائكةِ، أو أفضلَ الأنامِ.

وهذا لا يرتاب فيه أحدٌ ممّن عرف دينَ الإسلام.

وكيف يرتاب؟! وهو يقرأ في كلّ يوم عشر مرّات: «إيّاكَ نَعْبُدُ

ص: 23

وإيّاكَ نَسْتَعِينُ»(1).

ويقرأ: «قُلْ يا أَيُّها الكافِرُونَ* لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ* ولا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أعْبُدُ* ولا أنا عابِدٌ ما عَبَدْتُمْ* ولا أنْتُمْ عابِدُونَ ما أعْبُدُ* لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ»(2).

ويقرأ في سورة يوسف: «إنِ الحُكْمُ إلّاللَّهِ أَمَرَ ألّا تَعبُدُوا إلّا إيّاهُ»(3).

ويقرأ في سورة النحل: «وَقالَ الّذينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَي ءٍ نَحْنُ وَلا آباؤنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُوْنِهِ مِنْ شَي ءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلى الرُّسُل إلّاالبَلاغُ المُبِينُ»(4).

ويقرأ في سورة التوبة: «وَما أُمِرُوا إلّالِيَعْبُدُوا إلهاً واحِداً لا إلهَ إلّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمّا يُشْرِكُونَ»(5).

ويقرأ في سورة البقرة: «أمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ المَوْتُ إذْ قالَ لِبَنيهِ ما تَعْبُدُونَ مِن بَعْدي قالُوا نَعْبُدُ إلهَكَ وَإلهَ آبائِكَ إبْراهِيمَ وَإسْماعِيلَ وَإسْحاق إلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ»(6).


1- سورة الفاتحة 1: 5.
2- سورة الكافرون 109: 1- 6.
3- سورة يوسف 12: 40.
4- سورة النحل 16: 35.
5- سورة التوبة 9: 31.
6- سورة البقرة 2: 133.

ص: 24

ويقرأ في سورة الأعراف: «وإلى عادٍ أخاهُمْ هُوداً- إلى قوله عزّ من قائل:- قالُوا أَجئتَنا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحدَهُ»(1).

ويقرأ في [سورة] الزمر: «وَالّذِينَ اتّخَذُوا مِن دُوْنِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إلّالِيُقَرِّبُونا إلى اللَّهِ زُلْفى إنّ اللَّه يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ في ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إنّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفّارٌ»(2).

ويقرأ فيها: «وَلَقَدْ أُوحِيَ إلَيْكَ وَإلى الّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرِينَ* بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِنَ الشّاكِرِينَ»(3).

ويقرأ فيها: «قُلِ اللَّهَ أَعبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي»(4).

ويقرأ في سورة النساء: «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيئاً»(5).

ويقرأ في سورة هود: «ألّا تَعْبُدُوا إلّااللَّهَ إنّني لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشيرٌ»(6).


1- سورة الأعراف 7: 65- 70.
2- سورة الزمر 39: 3.
3- سورة الزمر 39: 65 و 66.
4- سورة الزمر 39: 14.
5- سورة النساء 4: 36.
6- سورة هود 11: 2.

ص: 25

ويقرأ في سورة العنكبوت: «يا عِبادِيَ الّذِينَ آمَنُوا إنّ أرضِي واسِعَةٌ فَإيّايَ فَاعبُدُونِ»(1).

إلى غير ذلك من الآيات الفرقانيّة، والأحاديث المتواترة(2).

لكنّ العبادة- كما هو المفسّر في لسان المفسِّرين، وأهل العربيّة، وعلماء الإسلام-: غاية الخضوع؛ كالسجود، والركوع، ووَضع الخدِّ على التراب والرماد تواضعاً، وأشباه ذلك، كما يفعله عبّاد الأصنام لأصنامهم(3).

وأمّا زيارة القبور والتمسّح بها وتقبيلها والتبرّك بها، فليس من ذلك في شي ء كما هو واضحٌ، بل ليس فيها شي ء من الخضوع فضلًا عن كونها غاية الخضوع.

مع أنّ مطلق الخضوع- كما عرفت- ليس بعبادة، وإلّا لكان جميع الناس مشركين حتّى الوهّابيّين! فإنّهم يخضعون للرؤساء


1- سورة العنكبوت 29: 56.
2- انظر ذلك في تفسير الآيات الكريمة المتقدّمة- على سبيل المثال- وغيرها في مختلف التفاسير، ولاحظ كتاب «التوحيد» للشيخ الصدوق، والكافي 1/ 57- 127 كتاب التوحيد.
3- انظر ذلك- على سبيل المثال- في تفسير آية: «إيّاكَ نَعْبُدُ وإيّاكَ نَسْتَعِينُ» في: التبيان 1/ 37- 39، مجمع البيان 1/ 25- 26، الصافي 1/ 71- 72، كنز الدقائق 1/ 54- 56، نور الثقلين 1/ 19- 20، آلاء الرحمن 1/ 56- 59، البيان: 456- 483، الجامع لأحكام القرآن 1/ 145، جامع البيان 1/ 160، الدرّ المنثور 1/ 37، التفسير الكبير 1/ 242، ومادّة عَبَدَ في: لسان العرب 3/ 273.

ص: 26

والأُمراء والكبراء بعضَ الخضوع، ويخضع الأبناء للآباء، والخدم للمخدومين، والعبيد للموالي، وكلُّ طبقة من طبقات الناس لِلّتي فوقها، فيخضعون إليهم بعض الخضوع، ويتواضعون لهم بعض التواضع.

هذا، وقد قال اللَّه عزّ من قائل في تعليم الحكمة: «وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ»(1).

أترى اللَّهَ حين أمر بالخضوع للوالِدَين أمَرَ بعبادتهما؟!

ويقول سبحانه: «لا تَرفَعُوا أصواتَكُمْ فَوقَ صَوتِ النَّبيِّ وَلا تَجَهرُوا لَهُ بِالقَولِ ...» إلى آخرها(2).

أَلَيس هذا خضوعاً وتواضعاً؟!

أَتَرى اللَّهَ سبحانه أمَرَ بعبادة نبيِّه؟!

أَوَليس التواضع من الأخلاق الجميلة الزكيّة، وهو متضمّن لشي ء من الخضوع لا محالة؟!

أَوَترى اللَّهَ نهى أن يُصنع بأنبيائه وأوليائه نظير ما أمر أن يصنع بسائر المسلمين من والتواضع والخضوع؟!

وقد كان الصحابة يتواضعون للنبيّ صلى الله عليه و سلم، ويخضعون له، وذلك


1- سورة الإسراء 17: 24.
2- سورة الحجرات 49: 2.

ص: 27

من المسلَّمات بين أهل السِيَر والأخبار.

بل روى البخاري في صحيحه:

* «خرج رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم بالهاجرة إلى البطحاء، فتوضّأ، ثمّ صلّى الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، وبين يديه عَنَزَة.

قال شعبة: وزاد فيه عون: عن أبيه، عن أبي جحيفة، قال: كان تمرُّ(1) من ورائها المرأة.

وقام الناس فجعلوا يأخذون يده(2) فيمسحون بها وجوههم.

قال: فأخذتُ بيده فوضعتها على وجهي، فإذا هي أبرد من الثلج، وأطيب رائحة من المسك»(3).

[زيارة القبور:]

وأمّا الأخبار الدالّة على زيارة القبور فنذكر عدّة منها، وإن كان لا حاجة إلى ذكرها لوضوح المسألة، حتّى أنّ الوهّابيّين- أيضاً- غير مانعين عن أصل الزيارة.


1- في المصدر: يمرّ.
2- في المصدر: يديه.
3- صحيح البخاري 4/ 229، والعَنَزَة- بالتحريك-: هي أطول من العصا وأقصر من الرمح، فيها سنان كسنان الرمح، وربّما في أسفلها زُجّ كَزُجّ الرمح. انظر: القاموس المحيط 2/ 184، لسان العرب 5/ 384.

ص: 28

* فروى البخاري عنه صلى الله عليه و سلم، أنّه «خرج يوماً فصلّى على أهل أُحُد صلاته على الميّت، ثمّ انصرف إلى المنبر ...» إلى آخره(1).

* وروى فيه عن أنس، قال: «مرّ النبيّ صلى الله عليه و سلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: اتقي اللَّه واصبري ...» إلى آخره(2) ولم ينهها عن زيارة القبر.

* وروى الدارقطني في السنن وغيرها، والبيهقي، وغيرهما، من طريق موسى بن هلال العبدي، عن عبد اللَّه العمري، عن نافع، عن ابن عمر، قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم: من زار قبري وجبت له شفاعتي»(3).

* وعن نافع، عن سالم، عن ابن عمر، مرفوعاً، عن النبيّ صلى الله عليه و سلم، أنّه قال: «من جاءني زائراً ليس له حاجة إلّازيارتي، كان حقّاً عَلَيَّ أن


1- صحيح البخاري 2/ 114، سنن أبي داود 3/ 216 ح 3223 إلى كلمة «انصرف».
2- صحيح البخاري 9/ 81 باختلاف يسير في بعض الألفاظ، وفي 2/ 93 إلى كلمة «واصبري» باختلاف يسير في بعض الألفاظ أيضاً، وانظر: الأنوار في شمائل النبي المختار 1/ 200 ح 239 والمصادر الأُخرى التي في هامشه.
3- سنن الدارقطني 2/ 278 ح 194، شعب الإيمان 3/ 490 ح 4159، مجمع الزوائد 4/ 2، الصلات والبشر: 142، الدرّ المنثور 1/ 569، كنز العمّال 15/ 651 ح 42583، الكنى والأسماء 2/ 64، الكامل 6/ 2350، وانظر: الغدير 5/ 93- 96 ح 1 ومصادره.

ص: 29

أكون له شفيعاً يوم القيامة»(1).

* وعن ليث ومجاهد، عن [ابن] عمر، مرفوعاً، قال صلى الله عليه و سلم: «مَن حجَّ وزار قبري بعد وفاتي، كان كمن زارني في حياتي»(2).

وعن نافع، عن ابن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه و سلم، قال: «مَن زارني كنتُ له شهيداً أو شفيعاً»(3).

* وعن نافع، عن ابن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه و سلم، قال: «مَن حج [البيت] ولم يزرني فقد جفاني»(4).

* وعن أبي هريرة، مرفوعاً، عن النبيّ صلى الله عليه و سلم، قال: «مَن زارني بعد


1- ورد الحديث باختلاف يسير في: المعجم الكبير 12/ 291 ح 13149، مجمع الزوائد 4/ 2، الصلات والبشر: 142، الدر المنثور 1/ 569، كنز العمّال 12/ 256 ح 34928، وانظر: الغدير 5/ 97- 98 ح 2 ومصادره.
2- سنن الدارقطني 2/ 278 ح 192، شعب الإيمان 3/ 489 ح 4154، السنن الكبرى 5/ 246، المعجم الكبير 12/ 406 ح 13497، الصلات والبشر: 143، الدرّ المنثور 1/ 569، كنز العمال 5/ 135 ح 12368 و 15/ 651 ح 42582، وفيها: «فزار» بدل «وزار»، وانظر: الغدير 5/ 98- 100 ح 3 ومصادره.
3- ورد الحديث باختلاف يسير في: شعب الإيمان 3/ 489 ح 4153، كنز العمّال 5/ 135 ح 12371، كما ورد مضمونه في: السنن الكبرى 5/ 245، شعب الإيمان 3/ 488 ح 4152 و 489 ح 4157، الصلات والبشر: 143، الدرّ المنثور 1/ 569، وانظر: الغدير 5/ 100- 101 ح 5 ومصادره.
4- الدرّ المنثور 1/ 569، الصلات والبشر: 143، كنز العمال 5/ 135 ح 12369، الكامل 7/ 2480، وانظر: الغدير 5/ 100 ح 4 ومصادره.

ص: 30

موتي فكأنّما زارني حيّاً»(1).

وعن أنس، مرفوعاً، عن النبيّ صلى الله عليه و سلم، [قال]: «مَن زارني ميّتاً كمن زارني حيّاً، ومَن زار قبري وجبت له شفاعتي يوم القيامة»(2).

* وعن ابن عبّاس، عن النبي صلى الله عليه و سلم، قال: «مَن زارني في مماتي كان كمن زارني في حياتي، ومَن لم يزرني فقد جفاني»(3).

إلى غير ذلك من الأحاديث التي يجوزُ مجموعُها حدّ المتواتر.

* وفي «الموطّأ» أنّ ابن عمر كان يقف عند قبر النبيّ صلى الله عليه و سلم، فيسلّم عليه وعند أبي بكر وعمر(4).

وسئل نافع: هل كان [ابن] عمر يسلّم على قبر النبي صلى الله عليه و سلم؟


1- ورد الحديث باختلاف في سنده وبعض ألفاظه في: مجمع الزوائد 4/ 2، الصلات والبشر: 142 و 143، الدرّ المنثور 1/ 569، كنز العمال 5/ 135 ح 12372، المواهب اللدنيّة 8/ 298 و 299، وانظر: الغدير 5/ 101- 102 ح 6 ومصادره، وقد روي فيها عن حاطب بن أبي بلتعة مرفوعاً، و ص 105- 106 ح 14 وفيه: عن ابن عمر مرفوعاً.
2- الصلات والبشر: 143، كشف الخفاء 2/ 328- 329 ح 2489، وانظر: الغدير 5/ 104 ح 10 ومصادره.
3- مختصر تاريخ دمشق 2/ 407، وفاء الوفا 4/ 1346- 1347 ح 14 و 16، وانظر: الغدير 5/ 104- 105 ح 12 ومصادره، وقد روي فيها عن أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام مرفوعاً بدلًا من ابن عبّاس.
4- الموطّأ 1/ 166 ح 68، شعب الإيمان 3/ 490 ح 4161، الدرّ المنثور 1/ 570، وفاء الوفا 4/ 1358.

ص: 31

فقال: رأيته مائة مرّة أو أكثر يسلّم على النبيّ وعلى أبي بكر(1).

قال عياض: زيارة قبر رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم سُنّةٌ أجمعَ عليها المسلمون(2).

* وروى بريدة، عن النبيّ صلى الله عليه و سلم: «إنّي نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها»(3).

* وعن بريدة، أنّ النبيّ صلى الله عليه و سلم إذا خرج إلى المقابر قال: «السلام عليكم أهلَ الديار مِنَ المؤمنين والمسلمين».

رواه مسلم(4).

* وعن ابن عبّاس، أنّ النبيّ [كان] يخرج إلى البقيع آخر الليل فيقول: «السلام عليكم ...» الخبر.

رواه مسلم(5).


1- حقيقة التوسّل والوسيلة: 111، وقال في الهامش: أخرجه الإمام عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر.
2- شرح الشفا 3/ 511، وفاء الوفا 4/ 1362.
3- صحيح مسلم 2/ 672 ح 977، سنن النسائي 8/ 310- 311 و ج 4/ 89، سنن الترمذي 3/ 370 ح 1054، سنن أبي داود 3/ 218 ح 3235، السنن الكبرى 4/ 77، المعجم الكبير 2/ 19 ح 1152 و ص 94 ح 1419، المصنَّف 3/ 342.
4- صحيح مسلم 2/ 671 ح 975، سنن النسائي 4/ 94.
5- صحيح مسلم 2/ 669 ح 974 عن عائشة، وسنن الترمذي 3/ 369 ح 1053 عن ابن عبّاس.

ص: 32

[التبرُّك بالقبور:]

وأمّا التبرُّك بالقبور وتقبيلها والتمسّح بها:

فقد نقل عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل في كتاب «العلل والسؤالات» قال: سألت أبي عن الرجل يمسّ منبر رسول اللَّه يتبرّك بمسّه وتقبيله، ويفعل بالقبر ذلك رجاءَ ثوابِ اللَّه، فقال:

لا بأس به(1).

ونقل عن مالك التبرّك بالقبر(2).

وروي عن يحيى بن سعيد- شيخ مالك- أنّه حينما أراد الخروج إلى العراق جاء إلى المنبر وتمسّح به(3).

ونقل السبكي روايةً ليحيى بن الحسن عن عمر بن خالد، عن أبي نباتة، عن كثير بن يزيد، عن المطّلب بن عبد اللَّه، قال: أقبل مروان بن الحكم وإذا رَجلٌ ملتزم القبر، فأخذ مروان برقبته وقال: ما تصنع؟!

فقال: إنّي لم آتِ الحجرَ ولا اللبن، إنّما جئت رسولَ اللَّه صلى الله عليه و سلم(4).


1- العلل ومعرفة الرجال 2/ 492 ح 3243، وعنه في وفاء الوفا 4/ 1404، وانظر مؤدّاه أيضاً في ص 1403.
2- انظر مؤدّاه في وفاء الوفا 4/ 1407.
3- وفاء الوفا 4/ 1403.
4- شفاء السقام عن مسند أحمد 5/ 422.

ص: 33

وذكر رواية أحمد، قال: وكان الرجل أبا أيّوب الأنصاري(1).

* ونقل هذه الرواية أحمد، وزاد فيها أنّه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم يقول: لا تبكوا على الدِين إذا ولوه اهله، وابكوا عليه إذا وليه غير أهله(2).

وذكر ابن حمّاد أنّ عمر كان يضع يده اليمنى على القبر(3).

ولو رمنا ذكر جميع الأحاديث لخرجنا من حدّ الاختصار، وفي ما ذُكر كفاية، فضلًا عن سيرة المسلمين.

وما عرفتَ من أنّ تلك الأُمور خارجة عن حقيقة العبادة، فإذاً لا وجه للمنع عنها وإن لم يكن دليل عليها.

هذا، وقد قال اللَّه عزّوجلّ: «وَمَن يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإنّها مِن تَقوى القُلُوبِ»(4).


1- شفاء السقام عن مسند أحمد 5/ 422.
2- شفاء السقام عن مسند أحمد 5/ 422، وفاء الوفا 4/ 1358- 1359.
3- وفاء الوفا 4/ 1405.
4- سورة الحج 22: 32.

ص: 34

الفصل الثاني في توحيد اللَّه سبحانه في الأفعال

اشارة

إعلم أنّ من ضروريّات دين الإسلام، والُمجمَع عليه بين جميع الفرق المنتحلة لدين سيّد الأنام، بل ومن أعظم أركان التوحيد:

توحيد اللَّه عزّ وجلّ في تدبير العالَم، كالخلق والرزق والإماتة والإحياء، إلى غير ذلك ممّا يرجع إلى تدبير العالَم، كتسخير الكواكب، وجعلِ الليل والنهار، والظُلَمِ والأنوار، وإجراء البحار، وإنزال الأمطار، وغير ذلك ممّا لا نحصيه ولا نحيط به.

وبالجملة:

لا كلام بين طوائف أهل الإسلام، أنّ المدبّر لهذا النظام، هو اللَّه

ص: 35

المَلِك العلّام، وحده وحده.

وكيف يرتاب مسلم في ذلك؟! وهو يقرأ في كلّ يوم مراراً من الفرقان العظيم: «اللَّهُ الصَّمَدُ»(1).

ويقرأ قوله عزّ من قائل: «وَخَلَقَ كُلَّ شَي ءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَي ءٍ عَلِيمٌ»(2).

وقوله سبحانه: «ألا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمرُ»(3).

وقوله تعالى: «قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالأرضِ أَمَّن يَملِكُ السَّمْعَ والأبصارَ وَمَن يُخرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَن يُدَبّرُ الأمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ»(4).

وقوله عزّ اسمه: «إنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمواتِ وَالأرضِ يُحْيِي وَيُميتُ وَما لَكُم مِن دُوْنِ اللَّهِ مِن وَلِيّ وَلا نَصِيرٍ»(5).

وقوله عظُم سلطانه: «قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأتِنا بِما تَعِدُنا إن كُنتَ مِنَ الصّادِقِينَ* قالَ إنّما يَأتِيكُم بِهِ اللَّهُ إن شاء»(6).


1- سوة الإخلاص 112: 2.
2- سورة الأنعام 6: 101.
3- سورة الأعراف 7: 54.
4- سورة يونس 10: 31.
5- سورة التوبة 7: 116.
6- سورة هود 11: 32 و 33.

ص: 36

وقوله جلّ شانه: «أمْ جَعَلُوا للَّهِ شُركاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَي ءٍ»(1).

وقوله عزّ جبروته: «الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ* وَالَّذي هُوَ يُطعِمُنِي وَيَسقِينِ* وَإذا مَرِضتُ فَهُوَ يَشفِينِ* وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ»(2).

وقوله جلّ وعزّ: «وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمواتِ وَالأرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمسَ وَالقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ»(3).

وقوله عمّ إحسانه: «وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّماءِ مآءً فَأَحْيا بِهِ الأرضَ مِن بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللَّهُ»(4).

وقوله جلّت قدرته: «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ»(5).

وقوله تعالى شأنه: «خَلَقَ السَّمواتُ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى في الأرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِن كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً


1- سورة الرعد 13: 16.
2- سورة الشعراء 26: 78- 81.
3- سورة العنكبوت 29: 61.
4- سورة العنكبوت 29: 63.
5- سورة الروم 30: 40.

ص: 37

فَأَنبَتْنا فِيها مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ* هذا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظّالِمُونَ في ضَلالٍ مُبِينٍ»(1).

وقوله تعالى: «اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَي ءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَي ءٍ وَكِيلٌ* لَهُ مَقالِيدُ السَّمواتِ والأرضِ»(2).

وقوله تعالى من قائل: «وَأَنَّ إلى رَبِّكَ المُنتَهَى* وَأنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى* وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا* وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَينِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى* مِن نُطْفَةٍ إذا تُمْنَى* وَأنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرى* وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى»(3).

إلى غير ذلك من الآيات الكريمة.

[التوسّل والاستغاثة والاستشفاع:

] لكنّ التوسّل بغير اللَّه سبحانه، والاستغاثة، والاستشفاع- المعمولة عند المسلمين، في جميع الأزمان، بالنسبة إلى الأنبياء والأَولياء- ليس بمعنى التشريك في أفعال اللَّه تعالى.

بل الغرض أن يفعل اللَّهُ فعله ويقضي الحاجة ببركتهم وشفاعتهم، حيث إنّهم مقرَّبون لديه، مكرمون عنده، ولا مانع من أن يكونوا سبباً ووسيلة لجريان فيضه.


1- سورة لقمان 31: 10 و 11.
2- سورة الزمر 39: 62 و 63.
3- سورة النجم 53: 42- 48.

ص: 38

هذا، ومن المركوز في طباع البشر توسّلهم في حوائجهم التي يطلبونها من العظماء والملوك والأُمراء إلى المخصوصين بحضرتهم، ويرون هذا وسيلة لنجح حاجتهم، وليس ذلك تشريكاً لذلك المخصوص مع ذاك الأمير أصلًا.

فلماذا يُعْزَل أنبياء اللَّه والأَولياء مِن مثل ما يُصنع بمخصوصي العظماء؟! إنْ هذا إلّااختلاق، وقد قال اللَّه عزّ وجلّ: «مَن ذا الَّذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلّابِإذْنِهِ»(1) فاستثنى، وقال سبحانه: «لا يَشْفَعُونَ إلّا لِمَنِ ارْتَضَى»(2).

وممّا ذُكر ظهر أنّ قول القاضي: «ودعائها مع اللَّه» يعني الضرائح، افتراءٌ على المسلمين من جهتين:

الأُولى: دعوى تشريك غير اللَّه معه في الدعاء:

مع أنّهم لا يدعون إلّااللَّه الواحد القهّار، ويتوسّلون بأوليائه إليه.

وإن كان المراد أنّهم يدعون اللَّه عزّ وجلّ لقضاء الحاجات، ويدعون أولياءَه ليكونوا شفعاء لديه سبحانه، فاختلفت جهتا


1- سورة البقرة 2: 255.
2- سورة الأنبياء 21: 28.

ص: 39

الدعوة، فهذا حقّ وصدق، ولا مانع منه أصلًا.

بل الوهّابيّة ما قدروا اللَّه حقّ قدره إذ قالوا: لا ضرورة في استنجاح الحاجة عنده إلى شفيع! ولا حسن في ذلك، ويَرَون ذلك أمراً مرغوباً مطلوباً بالنسبة إلى غيره سبحانه!

فإذا كان لهم حاجة إلى الناس، يتوسّلون في نجاحها إلى المقرَّبين لديهم، ولا يَرَون في ذلك بأساً!

فما بال اللَّه عزّ وجلّ يقصر به عمّا يُصنع بعباده؟!

الجهة الثانية: إضافة الدعوة إلى الضرائح:

والحال أنّهم لا يدعون الضريح للشفاعة، بل يدعون صاحب الضريح؛ لأَنّه ذو مكان مكين عند اللَّه وإن كان مُتَوَفَّىً «وَلا تَحْسَبَنَّ الّذِينَ قُتِلُوا في سَبيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرزَقُونَ* فَرِحِينَ بِما آتيهُمُ اللَّهُ ...»(1).

وبالجملة:

فالتوسّل وطلب الشفاعة من أولياء اللَّه أمر مرغوب فيه عقلًا وشرعاً، وقد جرت سيرة المسلمين عليه قديماً وحديثاً.


1- سورة آل عمران 3: 169 و 170.

ص: 40

* فعن أنس بن مالك، أنّه قال: «جاء رجل إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم فقال: يا رسول اللَّه، هَلَكت المواشي وتقطّعت السبل، فادع اللَّه.

فدعا اللَّهَ، فمُطِرنا من الجمعة إلى الجمعة.

فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال: يا رسول اللَّه، تهدّمت البيوت وتقطّعت السبل وهَلكت المواشي.

فقال رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم: اللّهمّ على ظهور الجبال والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر.

فانجابت عن المدينة انجياب الثوب».

رواه البخاري في الصحيح(1)، وروى عدّة أحاديث في هذا المعنى يشبه بعضها بعضاً(2).

* وفيه أيضاً: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي الأسود، [حدّثنا حَرَمِيٌّ،] حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: «قالت أُميّ:

يا رسول اللَّه، خادمك [أنس]، ادعُ اللَّهَ له.

قال: اللّهمّ أَكثِر مالَه وولَده، وبارك له في ما أعطيته»(3).

* وقال البخاري: حدّثنا قتيبة بن سعيدن حدّثنا حاتم، عن


1- صحيح البخاري 2/ 37.
2- صحيح البخاري 2/ 34- 38.
3- صحيح البخاري 8/ 93.

ص: 41

الجعد بن عبد الرحمن، قال: سمعت السائب بن يزيد يقول: «ذهبت بي خالتي إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم فقالت: يا رسول اللَّه، إنّ ابن أُختي وَجِعٌ.

فمسح رأسي، ودعا لي بالبركة، ثمّ توضّأ فشربت من وَضُوئه، ثمّ قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتمه بين كتفيه مثل زرّ الحَجَلة»(1).

* وروى البيهقي، أنّه جاء رجل إلى قبر النبيّ صلى الله عليه و سلم فقال: يا محمّد، استقِ لأُمّتك؛ فَسُقوا(2).

* وروى الطبراني وابن المقرئ وأبو الشيخ، أنّهم كانوا جياعاً، فجاؤا إلى قبر النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقالوا: يا رسول اللَّه، الجوع الجوع؛ فأُشبِعوا(3).

* ونُقل أنّ آدم لَمّا اقترف الخطيئة قال: يا ربّي أسألك بحقّ محمّد لَمّا غفرتَ لي.

فقال: يا آدم، كيف عرفتَه؟

قال: لأَنّك لَمّا خلقتني نظرتُ إلى العرش فوجدت مكتوباً فيه:


1- صحيح البخاري 8/ 94، والحَجَلة: بيت كالقُبّة يُستر بالثياب ويكون له أزرار كبار. انظر: لسان العرب 11/ 144- حَجَل.
2- انظر قريباً منه في وفاء الوفا 4/ 1374.
3- انظر: وفاء الوفا 4/ 1380.

ص: 42

«لا إله إلّااللَّه، محمد رسول اللَّه» فرأيت اسمه مقروناً مع اسمك، فعرفتُه أحبّ الخلق إليك.

صحّحه الحاكم(1).

* وعن عثمان بن حنيف، أنّ رجلًا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال: ادعُ اللَّهَ أن يعافيني.

فقال النبي صلى الله عليه و سلم: إن شئتَ صبرتَ فهو خير لك، وإن شئتَ دعوتُ.

قال: فادعه.

فأمره أن يتوضّأ ويدعو بهذا الدعاء:

«اللّهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد، نبيّ الرحمة، يا محمّدُ، إنّني توجّهت بك إلى ربّي في حاجتي ليقضيها لي؛ اللّهمّ شفِّعه».

رواه الترمذي والنسائي(2)، وصحّحه البيهقي وزاد: فقام وأبصر(3).


1- المستدرك على الصحيحين 2/ 615 باختلاف يسير، وانظر: دلائل النبوّة- للبيهقي- 5/ 489، ووفاء الوفا 4/ 1371- 1372.
2- سنن الترمذي 5/ 569 ح 3578 باختلاف يسير، ورواه النسائي في كتاب «اليوم والليلة»، وفي سنن ابن ماجة 1/ 441 ح 1385 باختلاف يسير أيضاً.
3- انظر: وفاء الوفا 4/ 1372.

ص: 43

* ونقل الطبراني، عن عثمان بن حنيف، أنّ رجلًا كان يختلف إلى عثمان بن عفّان في حاجة، فكان لا يلتفت إليه، فشكا ذلك لابن حنيف، فقال له: اذهب وتوضّأ وقل: ... وذكر نحو ما ذكر الضرير.

قال: فصنع ذلك، فجاء البوّاب فأخذه وأدخله إلى عثمان، فأمسكه على الطنفسة وقضى حاجته(1).

* وفي رواية الحافط، عن ابن عبّاس، أنّ عمر قال: اللّهمّ إنّا نستسقيك بعمّ نبيّنا، ونستشفع بشيبته؛ فَسُقوا(2).

[الشفاعة:

] وأخبار الشفاعة متواترة:

* روى البخاري، عن النبيّ صلى الله عليه و سلم أنّه: من سمع الأذان ودعا بكذا حلّت له شفاعتي يوم القيامة(3).

* وروى مسلم، عنه صلى الله عليه و سلم أنّه: ما من ميّت يموت يُصلّي عليه أُمّة من الناس يبلغون مائة، كلّهم يشفعون له، إلّاشُفّعوا فيه(4).


1- المعجم الكبير 9/ 30- 31 ح 8311 باختلاف يسير، وانظر: وفاء الوفا 4/ 1373.
2- دلائل النبوّة- للأصبهاني- 2/ 725 ح 511 باختلاف يسير.
3- صحيح البخاري 1/ 159 باختلاف يسير.
4- صحيح مسلم 2/ 654 ح 947، باختلاف يسير.

ص: 44

* وروى الترمذي والدارمي، عنه صلى الله عليه و سلم أنّه: يدخل بشفاعتي رجال من أُمّتي أكثر من بني تميم(1).

* وروى الترمذي، عن أنس، أنّه قال: سألت النبيّ صلى الله عليه و سلم أن يشفع لي يوم القيامة.

فقال: أنا فاعل.

قلت: فأين أطلبك؟

قال: أوّلًا على الصراط.

قلت: فإن لم ألقك.

قال: عند الميزان.

قلت: فإن لم ألقك؟

قال: عند الحوض، فإنّي [لا] أُخطئ هذه المواضع(2).

وقد نُقل عن الصحابة، بطرق عديدة أنّ الصحابة كانوا يلجأُون إلى قبر النبي صلى الله عليه و آله و سلم، ويندبونه في الاستسقاء ومواقع الشدائد وسائر الأمراض(3).


1- سنن الترمذي 4/ 626 ح 2438، وسنن الدارمي 2/ 328، باختلاف يسير فيهما.
2- سنن الترمذي 4/ 621- 622 ح 2433، الوفا بأحوال المصطفى 2/ 824 باختلاف يسير.
3- انظر: وفاء الوفا 4/ 1349- 1354.

ص: 45

ولا يخفى أنّ وفاة المتوسَّل به لا تنافي التوسّل أصلًا، فإنّ مكانه عند اللَّه لا يزول بالموت، كما هو واضح.

هذا، مع أنّهم في الحقيقة أحياء كما ذكر اللَّه عزّ وجلّ في حال الشهداء، فالشهداء إذا كانوا أحياءً فالأنبياء والأولياء أحقّ بذلك.

هذا كلّه مع أنّ الأرواح لا تفنى بالموت، والعبرة بها لا بالأجساد، وإن كان أجساد الأنبياء لا تبلى كما نُصَّ عليه في الأَخبار(1).

* وفي خبر النسائي وغيره، عن النبيّ صلى الله عليه و سلم، قال: إنّ للَّه ملائكة سيّاحين في الأرض يبلّغونني من أُمّتي السلام(2).

والأخبار في هذا الباب كثيرة(3).

* وأخرج أبو نعيم في «دلائل النبوّة» عن سعيد بن المسيّب، قال: لقد كنت في مسجد رسول اللَّه فما يأتي وقت صلاة إلّاسمعت الأذان من القبر(4).


1- انظر: وفاء الوفا 4/ 1372- 1387.
2- سنن النسائي 3/ 43، مسند أحمد 1/ 441، سنن الدارمي 2/ 317.
3- انظر: وفاء الوفا 4/ 1349- 1354.
4- دلائل النبوّة- للأصبهاني- 2/ 724- 725 ح 510 باختلاف يسير.

ص: 46

* وأخرج سعد في «الطبقات» عن سعيد بن المسيّب، أنّه كان يلازم المسجد أيّام الحرّة، فإذا جاء الصبح سمع أذاناً من القبر الشريف(1).

* وأخرج زبير بن بكّار في «أخبار المدينة» عن سعيد بن المسيّب، قال: لم أزل أسمع الأذان والإقامة من قبر رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم أيّام الحرّة حتّى عاد الناس(2).

* ونقل ابو عبد اللَّه البخاري، أنّ الشهداء وسائر المؤمنين إذا زارهم المسلم وسلّم عليهم عرفوه وردّوا عليه السلام(3).

* وروى الثعلبي في تفسيره، وابن المغازلي الشافعي الواسطي في «المناقب» أنّ النبيّ صلى الله عليه و سلم وأصحابه لَمّا حملهم البساط وصلوا إلى موضع أهل الكهف، فقال: سلِّموا عليهم، فسلَّموا عليهم، فلم يردّوا، فسلّم النبيّ صلى الله عليه و سلم عليهم، فقالوا: وعليك السلام ورحمة اللَّه وبركاته(4).

* ونقل أبو بكر محمّد بن عبد اللَّه الشافعي، أنّ عيسى عليه السلام لمّا دفن مريم عليها السلام قال: السلام عليكِ يا أُمّاه؛ فأجابته من جوف القبر:


1- الطبقات الكبرى 5/ 132.
2- انظر: وفاء الوفا 4/ 1356.
3- انظر: وفاء الوفا 4/ 1351.
4- مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام: 232- 233 ح 280، وفيه: «عليّ عليه السلام» بدل «النبيّ صلى الله عليه و سلم».

ص: 47

وعليك السلام حبيبي وقرّة عيني ... إلى آخره(1).

* وروى الحاكم، عن سالم بن أبي حفصة، قال: توفّي أخٌ لي فوضعته في القبر وسوَّيتُ عليه الترابَ، ثمّ وضعت أُذني على لحده فسمعت قائلًا يقول له: مَن ربُّك، فسمعت أخي يقول بصوت ضعيف: ربِّيَ اللَّه ... إلى آخره(2).

والأخبار التي يُستدلُّ بها على الدعوى أكثر من أن تحصى.


1- لم أعثر على تخريج له في المصادر المتوفّرة لديّ.
2- روي قريب منه وبسند آخر وباختلاف يسير في كتاب من عاش بعد الموت- لابن أبي الدنيا-: 86 و 87 ح 42 و 43.

ص: 48

الفصل الثالث في البناء على القبور

إعلم أنّ البناء على قبور الأنبياء والعباد المصطفَين تعظيمٌ لشعائر اللَّه، وهو من تقوى القلوب، ومن السنن الحسنة.

حيث إنّه احترامٌ لصاحب القبر، وباعثٌ على زيارته، وعلى عبادة اللَّه عزّ وجلّ- بالصلاة والقراءة والذِكر وغيرها- عنده، وملجأٌ للزائرين والغرباء والمساكين والتالين والمصلّين.

بل هو إعلاء لشأن الدِين.

* وعن النبيّ صلى الله عليه و سلم: «مَن سنَّ سُنّةً حسنة فله أجرها وأجر مَن

ص: 49

عمل بها»(1).

وقد بُني على مراقد الأنبياء قبل ظهور الإسلام وبعده، فلم ينكره النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم، ولا أحدٌ من الصحابة والخلفاء، كالقباب المبنيّة على قبر دانيال عليه السلام في شوشتر(2)، وهود وصالح ويونس وذي الكفل عليهم السلام، والأنبياء في بيت المقدس وما يليها، كالجبل الذي دُفن فيه موسى عليه السلام، وبلد الخليل مدفن سيّدنا إبراهيم عليه السلام.

بل الحجر المبنيّ على قبر إسماعيل عليه السلام وأُمّه رضي اللَّه عنها.

بل أوّل مَن بنى حجرة قبر النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم باللبن- بعد أن كانت مقوّمة بجريد النخل- عمرُ بن الخطّاب، على ما نصّ عليه السمهودي في كتاب «الوفا»(3) ثمّ تناوب الخلفاء على تعميرها(4).

* وروى البنّائي(5) واعظ أهل الحجاز، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه الحسين، عن أبيه عليّ، أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم قال له:


1- ورد الحديث باختلاف يسير في: مسند أحمد 4/ 361، سنن ابن ماجة 1/ 74- 75 ح 203- 208 باب مَن سنَّ سُنّة حسنة أو سيّئة، مشكل الآثار 1/ 94 و 96 و 481.
2- هي إحدى مدن مقاطعة خوزستان في إيران، ومُعَرَّبُها: تُسْتَر؛ انظر: معجم البلدان 2/ 29 تستر.
3- وفاء الوفا 2/ 481.
4- وفاء الوفا 2/ 481- 647.
5- في المصدر: التبّاني.

ص: 50

«واللَّه لَتُقتلَنّ في أرض العراق وتُدفن بها.

فقلت: يا رسول اللَّه، ما لمن زار قبورنا وعمّرها وتعاهدها؟

فقال: يا أبا الحسن، إنّ اللَّه جعل قبرك وقبر ولدَيك بقاعاً من بقاع الجنّة [وعرصة من عرصاتها]، وإنّ اللَّه جعل قلوب نجباء من خلقه، وصفوة من عباده، تحنّ إليكم [وتحتمل المذلّة والأذى]، فيعمرون قبوركم، ويكثرون زيارتها تقرُّباً [منهم] إلى اللَّه تعالى، ومودّة منهم لرسوله [أُولئك يا عليّ المخصوصون بشفاعتي، الواردون حوضي، وهم زوّاري غداً في الجنّة].

يا عليّ، مَن عمّر قبوركم وتعاهدها فكأنّما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس ...» إلى آخره(1).

ولا يخفى أنّ جعل معمِّر قبورهم كالمُعين على بناء بيت المقدس، دالٌّ على أنّ تعظيم مراقدهم تعظيم لشعائر اللَّه سبحانه.

ونُقل نحو ذلك- أيضاً- في حديثين مُعْتَبَرَيْن، نقل أحدهما الوزير السعيد(2) بسندٍ، وثانيهما بسند آخر(3).

والسيرة القطعية- من قاطبة المسلمين- المستمرّة، والإجماع،


1- فرحة الغريّ: 77، وعنه في بحار الأنوار 100/ 120 ح 22.
2- هو نصيرالدين الطوسي أبوجعفر محمدبن محمد بن الحسن 597- 672 ه من كبار علماء الإمامية.
3- فرحة الغريّ: 78، وعنه في بحار الأنوار 100/ 121 ح 23 و 24.

ص: 51

يغنيان عن ذِكر الأحاديث الدالّة على الجواز.

وما أعجب قول المفتين: «أمّا البناء على القبور فممنوع إجماعاً»!

فإنّ مذهب الوهّابيّة- وهم فئة قليلة بالنسبة إلى سائر المسلمين- لم يظهر إلّاقريباً من قرن واحد، ولا يتفوّه أحد من المسلمين- سوى الوهّابيّة- بحرمة البناء، فأين الإجماع المدّعى؟!

ودعوى ورود الأحاديث الصحيحة على المنع- لو ثبت- غير مُجْدٍ لإثبات الحرمة؛ لأنّ أخبار الآحاد لا تنهض لدفع السيرة والإجماع القطعي، مع أنّ أصل الدعوى ممنوع جدّاً.

فإنّ مثل رواية جابر: «نهى رسول اللَّه أن تُجَصّص القبور، وأن يُكتب عليها، وأن يُبنى عليها، وأن توطأ»(1) لا تدّل على التحريم؛ لعدم حرمة الكتابة على القبور ووطئها، فذلك من أقوى القرائن على أنّ النهي في الرواية غير دالّ على الحرمة، ولا نمنع الكراهة في غير قبور مخصوصة.

مع أنّ الظاهر من قوله: «يُبنى عليها» إحداث بناء كالجدار على نفس القبر، فإنّ بناء القبّة وجدرانها بعيدة عن القبر، ليس بناءً على القبر على الحقيقة، وإنّما هو نوع من المجاز، وحمل اللفظ على


1- سنن الترمذي 3/ 368 ح 1052.

ص: 52

الحقيقة حيث لا صارف عنها معيّن، مع أنّ النهي عن الوطء يؤكّد هذا المعنى، لا الذي فهموه من الرواية.

وأمّا الاستدلال على وجوب هدم القباب بحديث أبي الهيّاج، فغير تامّ في نفسه- مع قطع النظر عن مخالفته للإجماع والسيرة- لوجوه:

* الأوّل: إنّ الحديث مضطرب المتن والسند.

فتارة يذكر عن أبي الهيّاج أنّه قال: «قال لي عليٌّ» كما في رواية أحمد عن عبد الرحمن(1).

وتارة يذكر عن أبي وائل، أنّ عليّاً قال لأبي الهيّاج(2).

ورواه عبد اللَّه بن أحمد في «مسند عليّ» هكذا: «لَأبعثنّك في ما بعثني فيه رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم، أنْ أُسوّي كلّ قبر، وأنْ أطمسَ كلّ صنم»(3).

فالاضطراب المزبور يسقطه عن الحجّيّة والاعتبار.

* الثاني: إنّه من الواضح أنّ المأمور به في الرواية لم يكن هدم جميع قبور العالَم، بل الحديث وارد في بعث خاصّ وواقعة


1- مسند أحمد 1/ 96.
2- مسند أحمد 1/ 129.
3- مسند أحمد 1/ 89 و 111.

ص: 53

مخصوصة، فلعلّ البعث قد كان إلى قبور المشركين لطمس آثار الجاهلية- كما يؤيِّده ذِكر الصنم- أو إلى غيرها ممّا لا نعرف وجه مصلحتها، فكيف يُتمسّك بمثل هذه الرواية لقبور الأنبياء والأولياء؟!

قال بعض علماء الشيعة من المعاصرين:

إنّ المقصود من تلك القبور، التي أمرَ عليٌّ عليه السلام بتسويتها، ليست هي إلّاتلك القبور التي كانت تُتّخذ قِبلةً عند بعض أهل الملل الباطلة، وتقام عليها صور الموتى وتماثيلهم، فيعبدونها من دون اللَّه.

إلى أن قال:

وليت شِعري لو كان المقصود من القبور- التي أمرَ عليٌّ عليه السلام بتسويتها- هي عامّة القبور على الإطلاق، فأين كان عليه السلام- وهو الحاكم المطلق يومئذٍ- عن قبور الأنبياء التي كانت مشيَّدة على عهده؟! ولا تزال مشيَّدة إلى اليوم في فلسطين وسورية والعراق وإيران، ولوشاءتسويتها لقضى عليها بأقصر وقت.

فهل ترى أنّ عليّاً عليه السلام يأمر أبا الهيّاج بالحقّ وهو يروغ عنه فلا يفعله؟!

انتهى ما أردنا نقله منه.

ص: 54

* الثالث: قال بعض المعاصرين من أهل العلم:

لا يخفى من اللغة والعُرف أنّ تسوية الشي ء من دون ذِكر القرين المساوي معه، إنّما هو جَعْلُ الشي ء متساوياً في نفسه، فليس لتسوية القبر في الحديث معنى إلّاجعله متساوياً في نفسه، وما ذلك إلّا جعلُ سطحه متساوياً.

ولو كان المراد تسوية القبر مع الأرض، لكان الواجب في صحيح الكلام أن يقال: إلّاسوّيته مع الأرض.

فإنّ التسوية بين الشيئين المتغايرين لا بُدّ فيها من أن يُذكر الشيئان اللذان تُراد مُساواتهما.

وهذا ظاهر لكلّ من يعطي الكلام حقّه من النظر، فلا دلالة في الحديث إلّاعلى أحد أمرين:

أوّلهما: تسطيح القبور وجعلها متساوية برفع سنامها، ولا نظر في الحديث إلى علوّها، ولا تشبُّث فيه بلفظ (المشرِف) فإنّ الشُرَف إنْ ذُكِرَ أنّه بمعنى العلوّ، فقد ذُكر أنّه من البعير سنامُه، كما في القاموس وغيره(1)، فيكون معنى (المشرِف) في الحديث هو: القبر ذو السنام، ومعنى تسويته: هدم سنامه.


1- انظر مادّة شرف في: القاموس المحيط 3/ 157، تهذيب اللغة 11/ 341، لسان العرب 9/ 171.

ص: 55

وثانيهما: أنّ يكون المراد: القبور التي يجعل لها شُرَف من جوانب سطحها، والمراد من تسويته أن تُهدم شُرَفُه ويُجعل مسطّحاً أجمّ، كما في حديث ابن عبّاس: أُمرنا أن نبنيَ المدائن شُرَفاً والمساجد جُمّاً(1).

وعلى كلّ حال، فلا يمكن في اللغة والاستعمال أن يُراد من التسوية في الحديث أن يُساوى القبرُ مع الأرض، بل لا بُدّ أن يُراد منه أحد المعنَيَين المذكورَين.

وأيضاً: كيف يكون المراد مساواة القبر مع الأرض، مع أنّ سيرة المسلمين المتسلسلة على رفع القبور عن الأرض؟!

وفي آخر كتاب الجنائز من جامع البخاري، مسنداً عن سفيان التمّار، أنّه رأى قبر رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم مسنَّماً(2).

وأسند أبو داود في كتاب الجنائز عن القاسم، قال: دخلت على عائشة فقلت: يا أمَه، اكشفي لي عن قبر رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وصاحبَيه؛ فكشفت عن ثلاثة قبور لا مشرَّفة ولا لاطئة(3).


1- غريب الحديث 4/ 225، الفائق 1/ 234، لسان العرب 9/ 171؛ والجُمّ: هي التي لا شُرَف لها.
2- صحيح البخاري 2/ 128.
3- سنن أبي داود 3/ 215 ح 3220؛ ولاطئة: أي لازقة بالأرض. انظر: لسان العرب 15/ 247- لطا.

ص: 56

وأسند ابن جرير، عن الشعبي، أنّ كلّ قبور الشهداء مسنَّمة(1).

انتهى ما أردنا نقله منه.

وأقول بعد ذلك: لو كان قوله: «مشرِفاً» بمعنى عالياً، فليس يعمّ كلّ قبر ارتفع عن الأرض ولو بمقدار قليل، فإنّه لا يصدق عليه القبر العالي، فإنّ العلوّ في كلّ قبر إنّما هو بالإضافة إلى سائر القبور، فلا يبعد أن يكون أمراً بتسوية القبور العالية فوق القدر المتعارف المعهود في ذلك الزمان إلى حدّ المتعارف، وقد أفتى جمع من العلماء بكراهة رفع القبر أزيد من أربع أصابع(2).

ولتخصيص الكراهة- لو ثبت- بغير قبور الأنبياء والمصطفَين من الأولياء وجهٌ.

* الرابع: لو سُلِّم أيّ دلالة في الرواية، فلا ربط لها ببناء السقوف والقباب ووجوب هدمها، كما هو واضح.

وأمّا قول السائل: «وإذا كان البناء في مسبلة- كالبقيع- وهو مانع ... إلى آخره».

فقد أجاب بعض المعاصرين عنه بما حاصله:


1- كنز العمال 15/ 736 ح 42932.
2- منتهى المطلب 1/ 462.

ص: 57

أنّ أرض البقيع ليست وقفاً، بل هي باقية على إباحتها الأصلية، ولو شككنا في وقفيّتها يكفينا استصحاب إباحتها.

وأقول: بل وقفيّتها غير مانع عن البناء؛ لأنّها موقوفةٌ مقبرةً على جميع الشؤون المرعيّة في المقابر، ومنها: البناء على قبور أشخاص مخصوصين كالأصفياء، فإنّ البناء على القبور ليس أمراً حديثاً، بل كان أمراً متعارفاً من قديم الأيّام.

ص: 58

الفصل الرابع في الصلاة عند القبور وإيقاد السُرُج عليها

[الصلاة عند القبور:]

وقد جرت سيرة المسلمين- السيرة المستمرّة- على جواز ذلك.

وأمّا حديث ابن عبّاس: «لعن رسولُ اللَّه صلى الله عليه و سلم زائرات القبور، والمتّخذين عليها المساجد والسُرُج»(1) فالظاهر والمتبادر- من اتّخاذ المسجد على القبر-: السجود على نفس القبر.

وهذا غير الصلاة عند القبر.


1- سنن أبي داود 3/ 218 ح 3236، سنن النسائي 4/ 95.

ص: 59

هذا لو حملنا المساجد على المعنى اللغوي.

ولو حملناه على المعنى الاصطلاحي، فالمذموم اتّخاذ المسجد عند القبور، لا مجرّد إيقاع الصلاة، كما هو المتعارف بين المسلمين، فإنّهم لا يتّخذون المساجد على المراقد، فإنّ اتّخاذ المسجد ينافي الغرض في إعداد ما حول القبر إعانة للزوّار على الجلوس لتلاوة القرآن وذِكر اللَّه والدعاء والاستغفار، بل يُصَلُّون عندها، كما يأتون بسائر العبادات هنالك.

هذا، مع أنّ اللعن غير دالّ على الحرمة، بل يجامع الكراهةَ أيضاً.

[إيقاد السُرُج:]

وأمّا إيقاد السُرُج، فإنّ الروايةُ لا تدُلّ إلّاعلى ذمّ الإسراج لمجرّد إضاءة القبر، وأمّا الإسراج لإعانة الزائرين على التلاوة والصلاة والزيارة وغيرها، فلا دلالة في الرواية على ذمّه.

وإن شئت توضيح ذلك فارجع إلى هذا المثل:

إنّك لو أضعت شيئاً عند قبر، فأسرجت هنالك لطلب ضالَّتك، فهل في تلك الرواية دلالة على ذمّ هذا العمل؟!

فكذلك ما ذكرناه.

ص: 60

هذا، مع ما عرفتَ أنّ اللعنَ- حقيقةً- هو البعدُ من الرحمة، ولايستلزم الحرمة، فإنّ عمل المكروه- أيضاً- مبعِّدٌ من اللَّه، كما أنّ فعل المستحبّ مقرِّبٌ إليه عزّ وجلّ.

هذا، وذكر بعض العلماء في الجواب: أنّ المقصود من النهي عن اتّخاذ القبور مساجد، أن لا تُتّخذ قِبلةً يُصلّى إليها باستقبال أيّ جهة منها، كما كان يفعله بعض أهل الملل الباطلة.

وممّا يدلّ عليه ما رواه مسلم في «الصحيح»: عن رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم أنّه قال: إنّ أُولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً وصوّروا فيه تلك الصورة، أُولئك شرار الخلق عند اللَّه عزّ وجلّ يوم القيامة(1).

وقال صلى الله عليه و سلم: لُعن الّذين اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد(2).

فإنّه من المعلوم لدى الخبراء بتقاليد أُولئك المبطلين، أنّهم كانوا يتّخذون قبور أنبيائهم وصلحائهم مساجد على الوجه المذكور، وذلك بجعل ما برز من أثر القبر قِبلةً، وما دار حوله من الأرض مصلّىً، ولذلك قالت أُمّ المؤمنين عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره، غير إنّه خشي أن يُتّخذ مسجداً(3).


1- صحيح مسلم 1/ 376 ح 528.
2- مسند أحمد 2/ 285.
3- مسند أحمد 6/ 80، صحيح مسلم 1/ 376 ح 529.

ص: 61

فلو كان اتّخاذه مسجداً على معنى إيقاع الصلاة عنده- وإنْ كان التوجُّه بها إلى الكعبة- لَما كان الإبراز سبباً لحصول الخشية، فإنّ الصلاة- كذلك- غير موقوفة على أن يكون للقبر أثر بارز، وإنّما الذي يتوقّف على بروز الأثر هو: الصلاة إليه نفسه.

انتهى.

ثمّ استشهد بكلام النووي في شرح صحيح مسلم، قال:

«قال العلماء: إنّما نهى النبيّ صلى الله عليه و سلم عن اتّخاذ قبره وقبر غيره مسجداً خوفاً من الافتتان به، فربما أدّى ذلك إلى الكفر كما جرى لكثير من الأُمم الخالية، ولمّا احتاجت الصحابة- رضوان اللَّه عليهم أجمعين- والتابعون إلى الزيادة في مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم حين كثر المسلمون، وامتدّت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أُمّهات المؤمنين فيه، ومنها حجرة عائشة- رضي اللَّه عنها- بنوا على القبر حيطاناً مرتفعة مستديرة حوله، لئلّا يظهرَ في المسجد فيصلّي إليه العوامُّ ويؤدّي إلى المحذور.

ثمّ بنوا جدارين من ركني القبر الشماليَّين وحرَّفوهما حتّى التقيا، حتّى لا يتمكّن أحد من استقبال القبر، ولهذا قال في الحديث: (ولولا ذلك لأبرز قبره، غير إنّه خشي أن يتّخذ مسجداً) واللَّه العالِم بالصواب»(1).


1- شرح النووي على صحيح مسلم 5/ 13- 14.

ص: 62

انتهى.

ثم استظهر العالِم المومى إليه أن يكون الإِسراج المنهيّ عنه:

إمّا الإِسراج على قبور أُولئك المبطلين الّذين كانوا يتّخذونها قِبلة، كما ربّما يشهد بذلك سياق الحديث المومى إليه.

أو الإِسراج الّذي يتّخذه بعض جهلة المسلمين على مقابر موتاهم في ليالٍ مخصوصة، لأَجل إقامة المناجاة عليها والنوح على أهلها بالباطل.

ص: 63

الفصل الخامس في الذبائح والنذور

إعلم أنّ من المسائل المسلّمة الواضحة الضرورية عند طوائف المسلمين: اختصاص الذبح والتقرّب بالقربان به سبحانه، فلا يصحّ الذبح إلّاللَّه.

وهكذا أمر النذر، فمن المؤكّد المتّفق عليه بين طوائف المسلمين أنّ النذر لايصحّ إلّاللَّه، ولذا يُذكر في صيغته: للَّهِ عَلَيَّ كذا.

أمّا الذبح عن الأموات، فلا بُدّ أن يكون للَّه وحده وإنْ كان عن الميّت، وكم بين الذبح عن الميّت والذبح له، والممنوع هو الثاني لا الأوّل.

ص: 64

قال بعض العلماء رحمه الله في «المنهج»(1): وأمّا مَن ذبح عن الأنبياء والأوصياء والمؤمنين، ليصِلَ الثواب إليهم- كما نقرأُ القرآن ونهدي إليهم، ونصلّي لهم، وندعو لهم، ونفعل جميع الخيرات عنهم- ففي ذلك أجر عظيم.

وليس قصد أحدٍ مِن الذابحين للأنبياء أو لغير اللَّه سوى ذلك.

أمّا العارفون منهم فلا كلام، وأمّا الجهّال فهُم على نحو عرفائهم.

وقد روي عن النبيّ صلى الله عليه و سلم أنّه ذبح بيده وقال: اللّهمّ هذا عنّي وعن مَن لم يُضحِّ من أُمّتي.

رواه أحمد وأبو داود والترمذي(2) ... إلى آخره.

وقال بعض المعاصرين:

أمّا التقرّب إلى الضرائح بالنذور ودعاء أهلها مع اللَّه، فلا نعهد واحداً من أوباش المسلمين(3) وغيرهم يفعل ذلك، وإنّما ينذرون للَّه بالنذر المشروع، فيجعلون المنذور في سبيل إعانة الزائرين على البرّ، أو للإِنفاق على الفقراء والمحاويج، لإهداء ثوابه لصاحب


1- ورد مضمونه في: منهج الرشاد: 160.
2- مسند أحمد 3/ 356 و 362، سنن أبي داود 3/ 99 ح 2810 وليس فيه: «اللّهمّ»، ونحوه في سنن الترمذي 4/ 91 ح 1505.
3- أي بسطاؤهم وجهّالهم.

ص: 65

القبر، لكونه من أهل الكرامة في الدين والقُربى ... إلى آخره.

*** وهذا أوان اختتام الرسالة، وأرجو أن ينفع اللَّه بها، إنّه هو المتفضّل المنّان.

وقد حصل الفراغ منه بيد مؤلّفه الفقير إلى اللَّه: عبد اللَّه، أحد طلبة العراق، في ليلة الرابع عشر من شهر ربيع الأوّل، سنة خمس وأربعين بعد ألف وثلاثمائة هجريّة. والحمد للَّه رب العالمين.

ص: 66

المصادر

1- القرآن الكريم.

2- آلاء الرحمن في تفسير القرآن، للشيخ محمّد جواد البلاغي، ط مكتبة الوجداني، قم.

3- الأعلام، لخير الدين الزركلي، ط دار العلم للملايين، بيروت.

4- أعيان الشيعة، للسيّد محسن الأمين العاملي، ط دار التعارف للمطبوعات.

5- الأنوار في شمائل النبيّ المختار، للحسين بن مسعود البغوي، ط دار الضياء، بيروت.

ص: 67

6- بحار الأنوار، للشيخ محمّد باقر المجلسي، ط مؤسّسة الوفاء، بيروت.

7- البلاغي: التجربة الرمز في التفسير (1)، لعليّ الكعبي، مقال منشور في محلّة رسالة القرآن- قم، العدد 10.

8- البيان في تفسير القرآن، للسيّد أبوالقاسم الموسوي الخوئي، ط المطبعة العلمية.

9- التبيان في تفسير القرآن، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي، ط دار إحياء التراث العربي، بيروت.

10- التفسير الكبير، للفخر الرازي، الطبعة الثالثة.

11- تهذيب اللغة، لمحمّد بن أحمد الأزهري، ط المؤسّسة المصرية العامة القاهرة.

12- التوحيد، للشيخ أبي جعفر محمّد بن عليّ الصدوق، ط مؤسّسة النشر الإسلامي، قم.

13- جامع البيان، لمحمّد بن جرير الطبري، ط دار المعرفة، بيروت.

14- الجامع لأحكام القرآن، لمحمّد بن أحمد القرطبي، ط دار إحياء التراث العربي، بيروت.

15- حقيقة التوسّل والوسيلة، لموسى محمّد عليّ، ط عالم الكتب، بيروت.

16- الحماسة البصرية، لصدر الدين عليّ بن الحسن البصري،

ص: 68

ط عالم الكتب، بيروت.

17- الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور، لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي، ط دار الفكر.

18- دلائل النبوّة، لأبي نعيم الأصبهاني، ط دار ابن كثير في بيروت ومكتبة التراث الإسلامي في حلب.(1)

الوهابية و أصول الاعتقاد ؛ ؛ ص68

- دلائل النبوّة، لأحمد بن الحسين البيهقي، ط دار الكتب العلمية، بيروت.

20- ديوان دعبل بن عليّ الخزاعي، ط دار الكتاب اللبناني، بيروت.

21- ديوان السيّد رضا الموسوي الهندي، ط دار الكتاب الإسلامي، قم.

22- ديوان الشريف الرضي، ط مطبعة وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، طهران.

23- الذريعة إلى تصانيف الشيعة، للشيخ آقا بزرك الطهراني، ط دار الأضواء، بيروت.

24- ريحانة الأدب، لمحمّد عليّ التبريزي المدرّس، ط مطبعة شركت سهامي.

25- سنن ابن ماجة، لمحمّد بن يزيد القزويني، ط دار الفكر.

26- سنن أبي داود، لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، ط دار الفكر.


1- العلامة الشيخ محمد جواد البلاغي - محمد علي الحكيم، على مائدة الكتاب و السنة 17الوهابية و أصول الاعتقاد، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1.

ص: 69

27- سنن الترمذي (الجامع الصحيح)، لمحمّد بن عيسى بن سورة، ط دار إحياء التراث العربي، بيروت.

28- سنن الدارقطني، لعليّ بن عمر الدارقطني، ط دار المعرفة، بيروت.

29- سنن الدارمي، لعبد اللَّه بن عبد الرحمن الدارمي، ط دار الفكر، القاهرة.

30- السنن الكبرى، لأحمد بن الحسين البيهقي، ط دار المعرفة، بيروت.

31- سنن النسائي، لأحمد بن شعيب النسائي، طبع في بيروت.

32- شرح الشفا (نسيم الرياض)، لأحمد شهاب الدين الخفاجي المصري، ط دار الفكر.

33- شرح المواهب اللدنيّة، المواهب للقسطلاني والشرح للزرقاني المالكي، وبهامشه «زاد المعاد» لابن القيّم، ط دار المعرفة.

34- شرح النووي على صحيح مسلم، ط دار الكتاب العربي، بيروت.

35- شُعَب الإيمان، لأحمد بن الحسين البيهقي، ط دار الكتب العلمية، بيروت.

36- شعراء الغريّ، لعليّ الخاقاني، ط المكتبة العامة لآية اللَّه المرعشي، قم.

37- الصافي (تفسير ...)، للشيخ محسن الفيض الكاشاني،

ص: 70

ط مؤسّسة الأعلمي، بيروت.

38- صحيح البخاري، لمحمّد بن إسماعيل الجعفي البخاري، ط دار إحياء التراث العربي، بيروت.

39- صحيح مسلم، لمسلم بن الحجّاج النيسابوري، ط دار الفكر.

40- الصِلات والبِشَر في الصَلاة على خير البَشَر، لمحمّد بن يعقوب الفيروزآبادي، ط دار الكتب، بيروت.

41- الطبقات الكبير، لمحمّد بن سعد، ط دار صادر، بيروت.

42- العلل ومعرفة الرجال، لأحمد بن حنبل، ط المكتب الإسلامي، بيروت، ودار الخاني، الرياض.

43- علماء معاصرين، للملّا عليّ الواعظ الخياباني التبريزي، طبعة حجرية، إيران.

44- الغدير، للشيخ عبد الحسين الأميني، ط مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.

45- غريب الحديث، لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي، ط دار الكتاب العربي، بيروت.

46- الفائق في غريب الحديث، لمحمود بن عمر الزمخشري، ط دار المعرفة، بيروت.

47- فرحة الغريّ في تعيين قبر أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، للسيّد عبد الكريم بن طاووس الحلّي، ط المطبعة الحيدرية، النجف

ص: 71

الأشرف.

48- القاموس المحيط، لمحمّد بن يعقوب الفيروزآبادي، ط دار الفكر، بيروت.

49- الكافي، لثقة الإسلام أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، ط المكتبة الإسلامية، طهران.

50- الكامل في الضعفاء، لعبد اللَّه بن عديّ الجرجاني، ط دار الفكر، بيروت.

51- كشف الارتياب في أتباع محمّد بن عبد الوهّاب، للسيّد محسن الأمين العاملي، ط مكتبة اليمن الكبرى.

52- كشف الخفاء ومزيل الإلباس، لإسماعيل بن محمّد العجلوني، ط مؤسّسة الرسالة، بيروت.

53- كنز الدقائق (تفسير)، للميرزا محمّد بن محمّد رضا المشهدي القمي، ط مؤسّسة النشر الإسلامي، قم.

54- كنز العمّال، لعليّ بن حسام الدين المتّقي الهندي، ط مؤسّسة الرسالة، بيروت.

55- الكنى والأسماء، لأحمد بن حمّاد الدولابي، ط دار الكتب العلمية، بيروت.

56- الكنى والألقاب، للشيخ عبّاس القمي، ط مطبعة العرفان، صيدا.

57- لسان العرب، لابن منظور المصري، ط أدب الحوزة، قم.

ص: 72

58- ماضي النجف وحاضرها، للشيخ جعفر باقر آل محبوبة، ط دار الأضواء، بيروت.

59- مجمع البيان في تفسير القرآن، للشيخ الفضل بن الحسن الطبرسي، ط المكتبة العامة لآية اللَّه المرعشي، قم.

60- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، لعليّ بن أبي بكر الهيثمي، ط دار الكتاب العربي، بيروت.

61- مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، لابن منظور محمّد بن مكرّم، ط دار الفكر، دمشق.

62- المستدرك على الصحيحين، لمحمّد بن عبد اللَّه الحاكم النيسابوري، ط دار الفكر، بيروت.

63- مسند أحمد بن حنبل، ط دار الفكر، بيروت.

64- مشكل الآثار، لأبي جعفر الطحاوي، ط دار صادر، بيروت.

65- المصنَّف، لعبد الرزّاق بن همّام الصنعاني، ط المجلس العلمي، بيروت.

66- معارف الرجال، للشيخ محمّد حرز الدين، ط المكتبة العامة لآية اللَّه المرعشي، قم.

67- معجم الأُدباء، لياقوت بن عبد اللَّه الحموي، ط دار الفكر.

68- معجم البلدان، لياقوت بن عبد اللَّه الحموي، ط دار إحياء التراث العربي، بيروت.

ص: 73

69- المعجم الكبير، لسليمان بن أحمد الطبراني، ط دار إحياء التراث العربي.

70- معجم ما ألّفه علماء الامّة الإسلامية للردّ على خرافات الدعوة الوهّابية، للسيّد عبد اللَّه محمّد عليّ، مقال منشور في مجلّة تراثنا- قم، العدد 17.

71- معجم المطبوعات العربية والمعرّبة، ليوسف إليان سركيس، ط المكتبة العامة لآية اللَّه المرعشي، قم.

72- معجم المؤلّفين، لعمر رضا كحّالة، ط دار إحياء التراث العربي.

73- معجم المؤلّفين العراقيّين، لكوركيس عوّاد، ط مطبعة الإرشاد، بغداد.

74- مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام، لابن المغازلي عليّ بن محمد الشافعي، ط دار الأضواء، بيروت.

75- منتهى المطلب في تحقيق المذهب، للعلّامة الحلّي أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر، طبعة حجرية، ايران.

76- من عاش بعد الموت، لابن أبي الدنيا، ط عالم الكتب، بيروت.

77- منهج الرشاد لمن أراد السداد، للشيخ جعفر بن خضر الجناجي النجفي، ط المجمع العالمي لإهل البيت عليهم السلام، قم.

78- الموطّأ، لمالك بن أنس، ط دار إحياء التراث العربي،

ص: 74

بيروت.

79- نجوم امّت: آية اللَّه العظمى الشيخ محمّد جواد البلاغي، للشيخ ناصر الدين الأنصاري القمي، مقال منشور في مجلّة نور علم- قم، العدد 41.

80- نقباء البشر في القرن الرابع عشر (طبقات أعلام الشيعة)، للشيخ آقا بزرك الطهراني، ط دار المرتضى، مشهد.

81- نور الثقلين (تفسير ...)، للشيخ عبد عليّ بن جمعة العروسي الحويزي، ط المطبعة العلمية، قم.

82- الهدى إلى دين المصطفى، للشيخ محمّد جواد البلاغي، ط دار الكتب الإسلامية، قم.

83- الوفا بأحوال المصطفى، لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي، ط دار المعرفة، بيروت.

84- وفاء الوفا، لعليّ بن أحمد المصري السمهودي، ط دار إحياء التراث العربي، بيروت.(1)

هوامش


1- العلامة الشيخ محمد جواد البلاغي - محمد علي الحكيم، على مائدة الكتاب و السنة 17الوهابية و أصول الاعتقاد، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1.

ص: 75

[1] ( 1) هي جريدة« امّ القرى» العدد 69، بتاريخ 17 شوّال 1344 ه.

وهذا ممّا أفادني به سماحة العلّامة المحقّق السيّد عبد العزيز الطباطبائي رحمه الله.

[2] ( 1) صحيح مسلم 2/ 666 ح 93 ب 31، كما ورد الحديث باختلاف يسير في بعض ألفاظه في المصادر التالية: مسند أحمد 1/ 96 و 129، سنن النسائي 4/ 88، سنن أبي داود 3/ 215 ح 3218، سنن الترمذي 3/ 366 ح 1049 ب 56.

[3] ( 2) سنن أبي داود 3/ 218 ح 3236، سنن النسائي 4/ 95.

[4] ( 1) هي جريدة« المقطَّم» في عددها الصادر في 22 شوّال سنة 1344 ه.

[5] ( 1) أي: القنصل العامّ.

[6] ( 2) جواب« لَمّا» المتقدِّمة.

[7] ( 1) أي: القنصل العامّ.

[8] ( 1) هو السيّد أحمد الشريف بن محمّد بن محمّد بن عليّ السنوسي( 1284- 1351 ه) وُلد وتفقَّه في« الجغبوب» من أعمال ليبيا، قاتل الإِيطاليّين في حربهم مع الدولة العثمانية سنة 1339 ه، دُعي إلى إسلامبول بعد عقد الصلح بين إيطاليا والعثمانيّين، ثمّ رحل منها إلى الحجاز، كان من أنبل الناس جلالة قدر وسراوة حال ورجاحة عقل، وكان على علم غزير، وقد صنَّف في أوقات فراغه كتباً عديدة.

انظر: الأَعلام 1/ 135.

[9] ( 1) كذا في الأَصل، ولعلّها:« قاطعة»، والأصوب لغةً أن تكون:« فظيعة».

[10] ( 2) من قصيدة لدعبل الخزاعي، يرثي بها سيّد الشهداء الإِمام أبي عبد اللَّه الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، وقد ورد البيت باختلاف في بعض ألفاظه في الديوان المطبوع ومصادر أُخرى هكذا:

\s\iُ كُحِلَتْ بِمَنْظَرِكَ العُيُونُ عَمايَةً\z وَأَصَمَّ نْعيُكَ كُلَّ أُذْنٍ تَسْمَعُ\z\E\E

انظر: ديوان دعبل: 226، معجم الأُدباء 11/ 110 و 3/ 129 وفيه:« رُزْؤُكَ» بدل« نَعْيُكَ» ولم يُسمّ قائله هنا، الحماسة البصرية 1: 201.

[11] ( 1) كان في الأَصل:« على مساعدتهم» وما أثبتناه هو المناسب للسياق.

[12] ( 2) مطلع قصيدة للشريف الرضيّ، يرثي بها سيّد الشهداء الإمام أبي عبد اللَّه الحسين بن عليّ ابن أبي طالب عليهم السلام، في يوم عاشوراء سنة 391 ه. انظر: ديوان الشريف الرضيّ 1/ 360.

ص: 76

[13] ( 1) سورة الفاتحة 1: 5.

[14] ( 2) سورة الكافرون 109: 1- 6.

[15] ( 3) سورة يوسف 12: 40.

[16] ( 4) سورة النحل 16: 35.

[17] ( 5) سورة التوبة 9: 31.

[18] ( 6) سورة البقرة 2: 133.

[19] ( 1) سورة الأعراف 7: 65- 70.

[20] ( 2) سورة الزمر 39: 3.

[21] ( 3) سورة الزمر 39: 65 و 66.

[22] ( 4) سورة الزمر 39: 14.

[23] ( 5) سورة النساء 4: 36.

[24] ( 6) سورة هود 11: 2.

[25] ( 1) سورة العنكبوت 29: 56.

[26] ( 2) انظر ذلك في تفسير الآيات الكريمة المتقدّمة- على سبيل المثال- وغيرها في مختلف التفاسير، ولاحظ كتاب« التوحيد» للشيخ الصدوق، والكافي 1/ 57- 127 كتاب التوحيد.

[27] ( 3) انظر ذلك- على سبيل المثال- في تفسير آية:« إيّاكَ نَعْبُدُ وإيّاكَ نَسْتَعِينُ» في: التبيان 1/ 37- 39، مجمع البيان 1/ 25- 26، الصافي 1/ 71- 72، كنز الدقائق 1/ 54- 56، نور الثقلين 1/ 19- 20، آلاء الرحمن 1/ 56- 59، البيان: 456- 483، الجامع لأحكام القرآن 1/ 145، جامع البيان 1/ 160، الدرّ المنثور 1/ 37، التفسير الكبير 1/ 242، ومادّة( عَبَدَ) في: لسان العرب 3/ 273.

[28] ( 1) سورة الإسراء 17: 24.

[29] ( 2) سورة الحجرات 49: 2.

[30] ( 1) في المصدر: يمرّ.

[31] ( 2) في المصدر: يديه.

ص: 77

[32] ( 3) صحيح البخاري 4/ 229، والعَنَزَة- بالتحريك-: هي أطول من العصا وأقصر من الرمح، فيها سنان كسنان الرمح، وربّما في أسفلها زُجّ كَزُجّ الرمح. انظر: القاموس المحيط 2/ 184، لسان العرب 5/ 384.

[33] ( 1) صحيح البخاري 2/ 114، سنن أبي داود 3/ 216 ح 3223 إلى كلمة« انصرف».

[34] ( 2) صحيح البخاري 9/ 81 باختلاف يسير في بعض الألفاظ، وفي 2/ 93 إلى كلمة« واصبري» باختلاف يسير في بعض الألفاظ أيضاً، وانظر: الأنوار في شمائل النبي المختار 1/ 200 ح 239 والمصادر الأُخرى التي في هامشه.

[35] ( 3) سنن الدارقطني 2/ 278 ح 194، شعب الإيمان 3/ 490 ح 4159، مجمع الزوائد 4/ 2، الصلات والبشر: 142، الدرّ المنثور 1/ 569، كنز العمّال 15/ 651 ح 42583، الكنى والأسماء 2/ 64، الكامل 6/ 2350، وانظر: الغدير 5/ 93- 96 ح 1 ومصادره.

[36] ( 1) ورد الحديث باختلاف يسير في: المعجم الكبير 12/ 291 ح 13149، مجمع الزوائد 4/ 2، الصلات والبشر: 142، الدر المنثور 1/ 569، كنز العمّال 12/ 256 ح 34928، وانظر: الغدير 5/ 97- 98 ح 2 ومصادره.

[37] ( 2) سنن الدارقطني 2/ 278 ح 192، شعب الإيمان 3/ 489 ح 4154، السنن الكبرى 5/ 246، المعجم الكبير 12/ 406 ح 13497، الصلات والبشر: 143، الدرّ المنثور 1/ 569، كنز العمال 5/ 135 ح 12368 و 15/ 651 ح 42582، وفيها:« فزار» بدل« وزار»، وانظر: الغدير 5/ 98- 100 ح 3 ومصادره.

[38] ( 3) ورد الحديث باختلاف يسير في: شعب الإيمان 3/ 489 ح 4153، كنز العمّال 5/ 135 ح 12371، كما ورد مضمونه في: السنن الكبرى 5/ 245، شعب الإيمان 3/ 488 ح 4152 و 489 ح 4157، الصلات والبشر: 143، الدرّ المنثور 1/ 569، وانظر: الغدير 5/ 100- 101 ح 5 ومصادره.

[39] ( 4) الدرّ المنثور 1/ 569، الصلات والبشر: 143، كنز العمال 5/ 135 ح 12369، الكامل 7/ 2480، وانظر: الغدير 5/ 100 ح 4 ومصادره.

[40] ( 1) ورد الحديث باختلاف في سنده وبعض ألفاظه في: مجمع الزوائد 4/ 2، الصلات والبشر: 142 و 143، الدرّ المنثور 1/ 569، كنز العمال 5/ 135 ح 12372، المواهب اللدنيّة 8/ 298 و 299، وانظر: الغدير 5/ 101- 102 ح 6 ومصادره، وقد روي فيها عن حاطب بن أبي بلتعة مرفوعاً، و ص 105- 106 ح 14 وفيه: عن ابن عمر مرفوعاً.

[41] ( 2) الصلات والبشر: 143، كشف الخفاء 2/ 328- 329 ح 2489، وانظر: الغدير 5/ 104 ح 10 ومصادره.

[42] ( 3) مختصر تاريخ دمشق 2/ 407، وفاء الوفا 4/ 1346- 1347 ح 14 و 16، وانظر: الغدير 5/ 104- 105 ح 12 ومصادره، وقد روي فيها عن أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام مرفوعاً بدلًا من ابن عبّاس.

ص: 78

[43] ( 4) الموطّأ 1/ 166 ح 68، شعب الإيمان 3/ 490 ح 4161، الدرّ المنثور 1/ 570، وفاء الوفا 4/ 1358.

[44] ( 1) حقيقة التوسّل والوسيلة: 111، وقال في الهامش: أخرجه الإمام عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر.

[45] ( 2) شرح الشفا 3/ 511، وفاء الوفا 4/ 1362.

[46] ( 3) صحيح مسلم 2/ 672 ح 977، سنن النسائي 8/ 310- 311 و ج 4/ 89، سنن الترمذي 3/ 370 ح 1054، سنن أبي داود 3/ 218 ح 3235، السنن الكبرى 4/ 77، المعجم الكبير 2/ 19 ح 1152 و ص 94 ح 1419، المصنَّف 3/ 342.

[47] ( 4) صحيح مسلم 2/ 671 ح 975، سنن النسائي 4/ 94.

[48] ( 5) صحيح مسلم 2/ 669 ح 974 عن عائشة، وسنن الترمذي 3/ 369 ح 1053 عن ابن عبّاس.

[49] ( 1) العلل ومعرفة الرجال 2/ 492 ح 3243، وعنه في وفاء الوفا 4/ 1404، وانظر مؤدّاه أيضاً في ص 1403.

[50] ( 2) انظر مؤدّاه في وفاء الوفا 4/ 1407.

[51] ( 3) وفاء الوفا 4/ 1403.

[52] ( 4) شفاء السقام عن مسند أحمد 5/ 422.

[53] ( 1) شفاء السقام عن مسند أحمد 5/ 422.

[54] ( 2) شفاء السقام عن مسند أحمد 5/ 422، وفاء الوفا 4/ 1358- 1359.

[55] ( 3) وفاء الوفا 4/ 1405.

[56] ( 4) سورة الحج 22: 32.

[57] ( 1) سوة الإخلاص 112: 2.

[58] ( 2) سورة الأنعام 6: 101.

[59] ( 3) سورة الأعراف 7: 54.

[60] ( 4) سورة يونس 10: 31.

[61] ( 5) سورة التوبة 7: 116.

[62] ( 6) سورة هود 11: 32 و 33.

[63] ( 1) سورة الرعد 13: 16.

[64] ( 2) سورة الشعراء 26: 78- 81.

[65] ( 3) سورة العنكبوت 29: 61.

[66] ( 4) سورة العنكبوت 29: 63.

[67] ( 5) سورة الروم 30: 40.

ص: 79

[68] ( 1) سورة لقمان 31: 10 و 11.

[69] ( 2) سورة الزمر 39: 62 و 63.

[70] ( 3) سورة النجم 53: 42- 48.

[71] ( 1) سورة البقرة 2: 255.

[72] ( 2) سورة الأنبياء 21: 28.

[73] ( 1) سورة آل عمران 3: 169 و 170.

[74] ( 1) صحيح البخاري 2/ 37.

[75] ( 2) صحيح البخاري 2/ 34- 38.

[76] ( 3) صحيح البخاري 8/ 93.

[77] ( 1) صحيح البخاري 8/ 94، والحَجَلة: بيت كالقُبّة يُستر بالثياب ويكون له أزرار كبار.

انظر: لسان العرب 11/ 144- حَجَل.

[78] ( 2) انظر قريباً منه في وفاء الوفا 4/ 1374.

[79] ( 3) انظر: وفاء الوفا 4/ 1380.

[80] ( 1) المستدرك على الصحيحين 2/ 615 باختلاف يسير، وانظر: دلائل النبوّة- للبيهقي- 5/ 489، ووفاء الوفا 4/ 1371- 1372.

[81] ( 2) سنن الترمذي 5/ 569 ح 3578 باختلاف يسير، ورواه النسائي في كتاب« اليوم والليلة»، وفي سنن ابن ماجة 1/ 441 ح 1385 باختلاف يسير أيضاً.

[82] ( 3) انظر: وفاء الوفا 4/ 1372.

[83] ( 1) المعجم الكبير 9/ 30- 31 ح 8311 باختلاف يسير، وانظر: وفاء الوفا 4/ 1373.

[84] ( 2) دلائل النبوّة- للأصبهاني- 2/ 725 ح 511 باختلاف يسير.

[85] ( 3) صحيح البخاري 1/ 159 باختلاف يسير.

[86] ( 4) صحيح مسلم 2/ 654 ح 947، باختلاف يسير.

[87] ( 1) سنن الترمذي 4/ 626 ح 2438، وسنن الدارمي 2/ 328، باختلاف يسير فيهما.

[88] ( 2) سنن الترمذي 4/ 621- 622 ح 2433، الوفا بأحوال المصطفى 2/ 824 باختلاف يسير.

[89] ( 3) انظر: وفاء الوفا 4/ 1349- 1354.

[90] ( 1) انظر: وفاء الوفا 4/ 1372- 1387.

ص: 80

[91] ( 2) سنن النسائي 3/ 43، مسند أحمد 1/ 441، سنن الدارمي 2/ 317.

[92] ( 3) انظر: وفاء الوفا 4/ 1349- 1354.

[93] ( 4) دلائل النبوّة- للأصبهاني- 2/ 724- 725 ح 510 باختلاف يسير.

[94] ( 1) الطبقات الكبرى 5/ 132.

[95] ( 2) انظر: وفاء الوفا 4/ 1356.

[96] ( 3) انظر: وفاء الوفا 4/ 1351.

[97] ( 4) مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام: 232- 233 ح 280، وفيه:« عليّ عليه السلام» بدل« النبيّ صلى الله عليه و سلم».

[98] ( 1) لم أعثر على تخريج له في المصادر المتوفّرة لديّ.

[99] ( 2) روي قريب منه وبسند آخر وباختلاف يسير في كتاب من عاش بعد الموت- لابن أبي الدنيا-: 86 و 87 ح 42 و 43.

[100] ( 1) ورد الحديث باختلاف يسير في: مسند أحمد 4/ 361، سنن ابن ماجة 1/ 74- 75 ح 203- 208 باب مَن سنَّ سُنّة حسنة أو سيّئة، مشكل الآثار 1/ 94 و 96 و 481.

[101] ( 2) هي إحدى مدن مقاطعة خوزستان في إيران، ومُعَرَّبُها: تُسْتَر؛ انظر: معجم البلدان 2/ 29( تستر).

[102] ( 3) وفاء الوفا 2/ 481.

[103] ( 4) وفاء الوفا 2/ 481- 647.

[104] ( 5) في المصدر: التبّاني.

[105] ( 1) فرحة الغريّ: 77، وعنه في بحار الأنوار 100/ 120 ح 22.

[106] ( 2) هو نصيرالدين الطوسي أبوجعفر محمدبن محمد بن الحسن( 597- 672 ه) من كبار علماء الإمامية.

[107] ( 3) فرحة الغريّ: 78، وعنه في بحار الأنوار 100/ 121 ح 23 و 24.

[108] ( 1) سنن الترمذي 3/ 368 ح 1052.

[109] ( 1) مسند أحمد 1/ 96.

[110] ( 2) مسند أحمد 1/ 129.

[111] ( 3) مسند أحمد 1/ 89 و 111.

[112] ( 1) انظر مادّة( شرف) في: القاموس المحيط 3/ 157، تهذيب اللغة 11/ 341، لسان العرب 9/ 171.

[113] ( 1) غريب الحديث 4/ 225، الفائق 1/ 234، لسان العرب 9/ 171؛ والجُمّ: هي التي لا شُرَف لها.

[114] ( 2) صحيح البخاري 2/ 128.

ص: 81

[115] ( 3) سنن أبي داود 3/ 215 ح 3220؛ ولاطئة: أي لازقة بالأرض. انظر: لسان العرب 15/ 247- لطا.

[116] ( 1) كنز العمال 15/ 736 ح 42932.

[117] ( 2) منتهى المطلب 1/ 462.

[118] ( 1) سنن أبي داود 3/ 218 ح 3236، سنن النسائي 4/ 95.

[119] ( 1) صحيح مسلم 1/ 376 ح 528.

[120] ( 2) مسند أحمد 2/ 285.

[121] ( 3) مسند أحمد 6/ 80، صحيح مسلم 1/ 376 ح 529.

[122] ( 1) شرح النووي على صحيح مسلم 5/ 13- 14.

[123] ( 1) ورد مضمونه في: منهج الرشاد: 160.

[124] ( 2) مسند أحمد 3/ 356 و 362، سنن أبي داود 3/ 99 ح 2810 وليس فيه:« اللّهمّ»، ونحوه في سنن الترمذي 4/ 91 ح 1505.

[125] ( 3) أي بسطاؤهم وجهّالهم.

[126] العلامة الشيخ محمد جواد البلاغي - محمد علي الحكيم، على مائدة الكتاب و السنة (17)الوهابية و أصول الاعتقاد، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1.

[127] العلامة الشيخ محمد جواد البلاغي - محمد علي الحكيم، على مائدة الكتاب و السنة (17)الوهابية و أصول الاعتقاد، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.